الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل

الاميرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
snow white
snow white
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
الجوزاء
الحصان
عدد المساهمات : 4862
عدد النقاط : 9302
العمر : 33
البلد : اسكندرية
العمل/الترفيه : جامعى
المزاج : هادىء
https://elamerat.yoo7.com

سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير Empty سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير

الأحد 11 يوليو - 9:04

سورة الإنسان من1 الى 16

بسم الله الرحمن الرحيم


{هَلْ
أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا
مَذْكُورًا(1)إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ
نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا(2)إِنَّا هَدَيْنَاهُ
السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا(3)}.إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلاً وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا(4)إِنَّ الأَبْرَارَ
يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا(5)عَيْنًا يَشْرَبُ
بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا(6)يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا(7)وَيُطْعِمُونَ
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8)إِنَّمَا
نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا
شُكُورًا(9)إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا
قَمْطَرِيرًا(10)فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ
نَضْرَةً وَسُرُورًا(11)وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً
وَحَرِيرًا(12)}. {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ
فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا(13)وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا
وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً(14)وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ
مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ(15)قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ
قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا(16)

تفسير الايات


{هَلْ
أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} أي قد مضى على الإِنسان وقت
طويل من الزمان {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} أي كان في العدم، لم يكن
له ذكر ولا وجود، قال ابن كثير: يخبر تعالى عن الإِنسان أنه أوجده بعد أن
لم يكن شيئاً يذكر لحقارته وضعفه، قال المفسرون: {هَلْ أَتَى} بمعنى قد
أتى كما تقول: هل رأيت صنيع فلان، وقد علمت أنه قد رآه، وتقول: هل أكرمتك،
هل وعظتك؟ ومقصودك أن تقرره بأنك قد أكرمته ووعظته، والمرادُ بالإِنسان
الجنس، وبالحين مدة لبثه في بطن أمه، والغرض من الآية تذكير الإِنسان بأصل
نشأته، فقد كان شيئاً منسياً لا يفطن له، وكان في العدم جرثومة في صلب
أبيه، وماءً مهيناً لا يعلم به إِلا الذي يريد أن يخلقه، ومرَّ عليه حينٌ
من الدهر كانت الكرة الأرضية خالية منه، ثم خلقه الله، وأبدع تكوينه
وإنشاءه، بعد أن كان مغموراً ومنسياً لا يعلم به أحد .. وبعد أن قرر أن
الإِنسان مرَّ عليه وقت لم يكن موجوداً، أخذ يشرح كيف أفاض عليه نعمة
الوجود، واختبره بالتكاليف الشرعية بعد أن متَّعه بنعمة العقل والحواس
فقال {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} أي نحن
بقدرتنا خلقنا هذه الانسان من ماءٍ مهين - وهي المنيُّ - الذي ينطف من صلب
الرجل، ويختلط بماء المرأة "البويضة الأنثوية" فيتكون منهما هذا المخلوق
العجيب، قال ابن عباس: {أَمْشَاجٍ} يعني أخلاط، وهو ماء الرجل وماء المرأة
اذا اجتمعا واختلطا، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، ومن حال إِلى حال
{نَبْتَلِيهِ} أي لنختبره بالتكاليف الشرعية، والأوامر الإِلهية، لننظر
أيشكر أم يكفر؟ وهل يستقيم في سيره أم ينحرف ويزيغ؟ {نَبْتَلِيهِ
فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} أي فجعلناه من أجل ذلك عاقلاً مميزاً،
ذا سمع وبصر، ليسمع الآيات التنزيلية، ويبصر الدلائل الكونية، على وجود
الخالق الحكيم، قال الإِمام الفخر الرازي: أعطاه تعالى ما يصح معه
الابتلاء وهو السمع والبصر، وهما كنايتان عن الفهم والتمييز، كما قال
تعالى حاكياً عن إِبراهيم {لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر }؟ وقد يراد بهما
الحاستان المعروفتان، وخصَّهما بالذكر لأنهما أعظم الحواسِّ وأشرفها
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} أي بيَّنا للإِنسان وعرَّفناه طريق الهدى
والضلال، والخير والشر، ببعثة الرسل، وإِنزال الكتب .. أخبر تعالى أنه بعد
أن ركبه وأعطاه الحواس الظاهرة والباطنة، بيَّن له سبيل الهدى والضلال،
ومنحه العقل وترك له حرية الاختيار، ثم هو بعد ذلك إِما أن يشكر، أو يكفر،
ولهذا قال بعده {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} أي إِما أن يكون
مؤمناً شاكراً لنعمة الله، فيسلك سبيل الخير والطاعة، وإِما أن يكون شقياً
فاجراً، فيكفر بنعمة الله ويسلك سبيل الشر والفجور، قال المفسرون: المراد
هديناه السبيل ليكون إِمَّا شاكراً وإِمّا كفوراً، فالله تعالى دلَّ
الإِنسان على سبيل الشكر والكفر، وعلى الإِنسان أن يختار سلوك هذا أو ذاك،
وهذه الآية من جملة الآيات الكثيرة الدالة على أن للإِنسان إِرادةً
واختياراً هما مناط التكليف، كقوله تعالى {من كانَ يريد العاجلة عجَّلنا
له فيها ما نشاء} إِلى {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} وكقوله {وقُل
الحقُّ من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فلا إِكراه لأحدٍ ولا
إِجبار، وإِنما هو بمحض الإِرادة والاختيار.

ثم بعد هذا البيان
الواضح، بيَّن ما أعدَّه للأبرار والفجار في دار القرار فقال {إِنَّا
أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلاً وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا} أي هيأنا
للكافرين المجرمين قيوداً تشدُّ بها أرجلهم، وأغلالاً تُغلُّ بها أيديهم
إلى أعناقهم، وسعيراً أي ناراً موقدة مستعرة يحرقون بها كقوله تعالى {إذِ
الأغلال في أعناقهم والسَّلاسل يسبحون * في الحميم ثمَّ في النار يُسجرون}
{إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}
أي الذين كانوا في الدنيا أبراراً بطاعتهم الله تعالى، فإِنهم يشربون
كأساً من الخمر، ممزوجة بأنفس أنواع الطيب وهو الكافور، قال المفسرون:
الكافور طيبٌ معروف يستحضر من أشجار ببلاد الهند والصين، وهو من أنفس
أنواع الطيب عند العرب، والمراد أن من شرب تلك الكأس وجدها في طيب
رائحتها، وفوحان شذاها كالكافور، قال ابن عباس: الكافور اسم عين ماءٍ في
الجنة يقال له عين الكافور تمتزج الكأس بماء هذه العين وتختم بالمسك فتكون
ألذَّ شراب، ولهذا قال تعالى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ }
أي هذا الكافور يتدفق من عينٍ جارية من عيون الجنة يشرب منها عباد الله
الأبرار، وصفهم بالعبودية تكريماً لهم وتشريفاً بإِضافتهم إِليه تعالى
{عِبَادُ اللَّهِ} والمراد بهم المؤمنون المتقون {يُفَجِّرُونَهَا
تَفْجِيرًا} أي يجرونها حيث شاؤوا من الدور والقصور، قال الصاوي: المراد
أنها سهلة لا تمتنع عليهم، ورد أن الرجل منهم يمشي في بيوته، ويصعد إِلى
قصوره وبيده قضيب يشير به إلى الماء، فيجري معه حيثما دار في منازله،
ويتبعه حيثما صعد إِلى أعلى قصوره.. ولمّا ذكر ثواب الأبرار، بيَّن صفاتهم
الجليلة التي استحقوا بها ذلك الأجر الجزيل فقال {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}
أي يوفون بما قطعوه على أنفسهم من نذرٍ في طاعة الله، إِذا نذروا طاعةً
فعلوها، قال الطبري: النذرُ كلُّ ما أوجبه الإِنسان على نفسه من فعل،
فإِذا نذروا بروا بوفائهم لله، بالنذور التي في طاعة الله، من صلاة،
وزكاة، وحج، وصدقة، قال المفسرون: وهذا مبالغة في وصفهم بأداء الواجبات،
لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه، كان بما أوجبه الله عليه أوفى
{وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي ويخافون هول يومِ
عظيم كانت أهواله وشدائده - من تفطر السماوات، وتناثر الكواكب، وتطاير
الجبال، وغير ذلك من الأهوال - ممتدة منتشرة فاشية، بالغة أقصى حدود الشدة
والفزع، قال قتادة: استطار والله شرُّ ذلك اليوم حتى بلغ السماوات والأرض
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي ويطعمون الطعام مع شهوتهم
له، وحاجتهم إِليه {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} أي فقيراً لا يملك
من حطام الدنيا شيئاً، ويتيماً مات أبوه وهو صغير، فعدم الناصر والكفيل،
وأسيراً من أُسر في الحرب من المشركين، قال الحسن البصري: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يُؤتى بالأسير، فيدفعه إِلى بعض المسلمين ويقول له:
أحسن إليه فيكون عنده اليومين والثلاثة فيؤثره على نفسه .. نبّه تعالى إِل
أن أولئك الأبرار مع حاجتهم إِلى ذلك الطعام، في سدّ جوعتهم وجوعة عيالهم،
يطيبون نفساً عنه للبؤساء، ويؤثرونهم به على أنفسهم كقوله تعالى {ويُؤثرون
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}
أي إنما نحسن إِليكم ابتغاء مرضاة الله وطلب ثوابه {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ
جَزَاءً وَلا شُكُورًا} أي لا نبتغي من وراء هذا الإِحسان مكافأةً، ولا
نقصد الحمد والثناء منكم، قال مجاهد: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن
علم الله به من قلوبهم، فأثنى عليهم به، ليرغب في ذلك راغب {إِنَّا
نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} أي إِنما نفعل ذلك
رجاء أن يقينا الله هول يومٍ شديد، تعبس فيه الوجوه من فظاعة أمره، وشدة
هوله، وهو يومٌ قمطرير أي شديد عصيب {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ
الْيَوْمِ} أي حماهم الله ودفع عنهم شرَّ ذلك اليوم وشدته {وَلَقَّاهُمْ
نَضْرَةً وَسُرُورًا} أي وأعطاهم نضرةً في الوجه، وسروراً في القلب،
والتنكير في {سُرُورًا} للتعظيم والتفخيم {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا
جَنَّةً وَحَرِيرًا} أي وأثابهم بسبب صبرهم على مرارة الطاعة والإِيثار
بالمال، جنةً واسعة وألبسهم فيها الحرير كما قال تعالى {ولباسهم فيها
حرير} .. وفي الآية إِيجازٌ، آخذٌ بأطراف الإِعجاز، فقد أشار تعالى بقوله
{جَنَّةً} إلى ما يتمتع به أولئك الأبرار في دار الكرامة من أصناف الفواكه
والثمار، والمطاعم والمشارب الهنية، فإِن الجنة لا تسمَّى جنة إِلا وفيها
كل أسباب الراحة كما قال تعالى {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين}
وأشار بقوله {وَحَرِيرًا} إلى ما يتمتعون به من أنواع الزينة واللباس،
التي من أنفسها وأغلاها عند العرب الحرير، فقد جمع لهم أنواع الطعام
والشراب واللباس، وهو قُصارى ما تتطلع له نفوس الناس.
ولما ذكر طعامهم
ولباسهم وصف نعيمهم ومساكنهم فقال {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الأَرَائِكِ} أي مضطجعين في الجنة على الأسرَّة المزيَّنة بفاخر الثياب
والستور، قال المفسرون: الأرائك جمع أريكة وهي السرير ترخى عليه الحجلة،
والحجلة هي ما يسدل على السرير من فاخر الثياب والستور، وإِنما خصُّهم
بهذه الحالة لأنها أتم حالات المتنعم {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا
زَمْهَرِيرًا} أي لا يجدون فيها حراً ولا برداً، لأن هواءها معتدل فلا
حرَّ ولا قرَّ، وإِنما هي نسمات تهبُّ من العرش تحيي الأنفاس {وَدَانِيَةً
عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا} أي ظلال الأشجار في الجنة قريبةٌ من الأبرار
{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} أي أدنيت ثمارها منهم، وسهل عليهم
تناولها، قال ابن عباس: إِذا همَّ أن يتناول من ثمارها تدلَّت إِليه حتى
يتناول منها ما يريد .. ولما وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم، وصف بعد ذلك
شرابهم فقال {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ} أي يدور عليهم
الخدم بالأواني الفضية فيها الطعام والشراب - على عادة أهل الترف والنعيم
في الدنيا - فيتناول كل واحدٍ منهم حاجته، وهذه الأواني هي الصّحاف بعضها
من فضة وبعضها من ذهب كما قال تعالى {يطاف عليهم بصحاف من ذهب} قال
الرازي: ولا منافاة بين الآيتين، فتارةً يسقون بهذا، وتارة بذاك
{وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ} أي وأكواب - وهي كالأقداح - رقيقة شفافة
كالزجاج في صفائه، قال أبو حيّان: ومعنى {كانت} أن الله تعالى أوجدها
بقدرته، فيكون تفخيماً لتلك الخلقة العجيبة الشأن، الجامعة بين بياض الفضة
ونصوعها، وشفيف القوارير وصفائها {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} أي هي جامعة
بين صفاء الزجاج، وحسن الفضة، قال ابن عباس: ليس في الدنيا شيء مما في
الجنة إِلا الأسماء - يعني أن ما في الجنة أسمى وأشرف وأعلى - ولو أخذت
فضةً من فضة الدنيا، فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب، لم ير الماء من
ورائها، ولكنَّ قوارير الجنة ببياض الفضة، مع صفاء القوارير {قَدَّرُوهَا
تَقْدِيرًا} أي قدَّرها السُّقاة على مقدار حاجتهم، لا تزيد ولا تنقص،
وذلك ألذُّ وأشهى، قال ابن عباس: أتوا بها على قدر الحاجة لا يفضلون
شيئاً، ولا يشتهون بعدها شيئاً


من اقول أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-:

اصلح نفسك يصلح لك الناس.


سورة المرسلات من 25الى50

بسم الله الرحمن الرحيم

أَلَمْ
نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا(25)أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا(26)وَجَعَلْنَا
فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا(27)وَيْلٌ
يوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(28)انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ
تُكَذِّبُونَ(29)} {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ(30)لا
ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ(31)إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ
كَالْقَصْرِ(32)كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ(33)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ(34)هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ(35)وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ
فَيَعْتَذِرُونَ(36)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(37)هَذَا يَوْمُ
الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ(38)فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ
فَكِيدُونِي(39)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(40)}
{إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ(41)وَفَوَاكِهَ مِمَّا
يَشْتَهُونَ(42)كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(43)إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ(44)وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(45)كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ
مُجْرِمُونَ(46)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(47)وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ(48)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ(49)فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ(50)}



تفسير الايات


..
ثم ذكَّرهم بنعمة إِيجادهم على الأرض حال الحياة، ومواراتهم في باطنها بعد
الموت فقال {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً
‎وَأَمْوَاتًا}؟ أي ألم نجعل هذه الأرض التي تعيشون عليها كالأم لكم، تجمع
الأحياء على ظهرها، والأموات في بطنها؟ قال المفسرون: الكفت: الجمع والضم،
فالأرض تجمع وتضم إِليها جميع البشر، فهي كالأم لهم، الأحياء يسكنون فوق
ظهرها في المنازل والدور، والأموات يسكنون في بطنها في القبور {منها
خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} قال الشعبي: بطنها لأمواتكم
وظهرها لأحيائكم {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} أي وجعلنا في
الأرض جبالاً راسخات عاليات مرتفعات لئلا تضطرب بكم {وَأَسْقَيْنَاكُمْ
مَاءً فُرَاتًا} أي وأسقيناكم ماءً عذباً حلواً بالغ العذوبة، أنزلناه لكم
من السحاب، وأخرجناه لكم من العيون والأنهار، لتشربوا منه أنتم ودوابكم،
وتسقوا منه زرعكم وأشجاركم {وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ *
انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} أي انطلقوا إِلى عذاب
جهنم الذي كنتم تكذبون به في دار الدنيا، وهذا الكلام تقوله لهم خزنة
النار تقريعاً وتوبيخاً.
ثم وضَّح ذلك العذاب وفصَّله فقال {انطَلِقُوا
إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} أي اذهبوا فاستظلوا بدخانٍ كثيف من دخان
جهنم، يتفرع منه ثلاث شعب {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} أي لا
يظل من يكون تحته، ولا يقيه حر الشمس كما هو حال الظل الممدود، ولا هو
يدفع عنه أيضاً ألسنة النار المندلعة من كل جانب، قال الطبري: لا هو يظلهم
من حرها، ولا يكنهم من لهبها، وذلك أنه يرتفع من وقود جهنم الدخان، فإِذا
تصاعد تفرَّق شعباً ثلاثة، قال المفسرون: سمَّى العذاب ظلاً تهكُّماً
واستهزاءً بالمعذبين، فالمؤمنون في ظلال وعيون، والمجرمون في سموم وحميم،
وظلٍ من يحموم، واليحموم دخانٌ أسود قاتم، فكيف يصح أن يسمى ما هم فيه
ظلاً إِلا على طريق التهكم والاستهزاء؟ ثم زاد تعالى في وصف جهنم وأهوالها
فقال {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} أي إِن جهنم تقذف بشرر عظيم
من النار، كلُّ شرارةٍ منه كأنها القصر العظيم، قال ابن كثير: يتطاير
الشرر من لهبها كالحصون {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} أي كأن شرر جهنم
المتطاير منها الإِبل الصفر في لونها وسرعة حركتها، قال الرازي: شبَّه
تعالى الشرر في العظم بالقصر، وفي اللون والكثرة وسرعة الحركة بالجمالات
الصفر، وهذا التشبيه من روائع صور التشبيه، لأن الشرارة إِذا كانت مثل
القصر الضخم، فيكف تكون حال تلك النار الملتهبة؟ أجارنا الله من نار جهنم
بفضله ورحمته {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك ودمار
للمكذبين بآيات الله {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ} أي هذا اليوم الرهيب،
الذي لا ينطق فيه أولئك المكذبون ولا يتكلمون كلاماً ينفعهم، فهم في ذلك
اليوم خرس بكم {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} أي ولا يقبل لهم
عذرٌ ولا حجة فيما أتوا به من القبائح والجرائم، بل لا يؤذن لهم في
الاعتذار، لأنه لا تسمع منهم تلك الحجج والأعذار ولا تقبل كقوله تعالى
{يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ *
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} أي يقال لهم: هذا
يوم الفصل بين الخلائق، الذي يفصل الله فيه بحكمه العادل بين السعداء
والأشقياء، جمعناكم فيه مع من تقدمكم من الأمم لنحكم بينكم جميعاً {فَإِنْ
كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِي} أي فإِن كان لكم حيلة في الخلاص من
العذاب فاحتالوا، وانقذوا أنفسكم من بطش الله وانتقامه إِن قدرتم، وهذا
تعجيزٌ لهم وتوبيخ {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك يومئذٍ
للمكذبين بيوم الدين.
وبعد أن ذكر أحوال الأشقياء المجرمين، أعقبه بذكر
أحوال السعداء المتقين فقال {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ}
أي الذين خافوا ربهم في الدنيا، واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب
نواهيه، هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة، وعيون الماء الجارية،
يتنعمون في دار الخلد، والكرامة، على عكس أولئك المجرمين المكذبين، الذين
هم في ظلٍ من يحموم - وهو دخان جهنم الأسود - الذي لا يقي حراً، ولا يدفع
عطشاً، ولا يجد المستظل به مما يشتهيه لراحته سوى شرر النار الهائل
{وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ} أي وفواكه كثيرة متنوعة مما يستلذون
ويستطيبون {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي
ويقال لهم على سبيل الأنس والتكريم: كلوا أكلاً لذيذاً واشربوا شرباً
هنيئاً، بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال {إِنَّا كَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنينَ} أي إِنا مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي من أحسن عمله،
وأخلص نيته، واتقى ربه {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك
ودمار للمكذبين بيوم الدين {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ
مُجْرِمُونَ} أي يقال للكفار على سبيل التهديد والوعيد: كلوا من لذائذ
الدنيا، واستمتعوا بشهواتها الفانية، كما هو شأن البهائم التي همُّها ملء
بطونها ونيل شهواتها زماناً قليلاً الى منتهى آجالكم، فإِنكم مجرمون لا
تستحقون الإِنعام والتكريم {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك
ودمار يوم القيامة للمكذبين بنعم الله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا
يَرْكَعُونَ} أي وإِذا قيل لهؤلاء المشركين صلُّوا لله، واخشعوا في صلاتكم
لعظمته وجلاله، لا يخشعون ولا يصلون، بل يظلون على استكبارهم يصرون، قال
مقاتل: نزلت هذه الآية في ثقيف، امتنعوا عن الصلاة وقالوا لرسول الله صلى
الله عليه وسلم: حطَّ عنا الصلاة فإِنا لا ننحني، إِنها مسبة علينا، فأبى
وقال: لا خير في دينٍ لا صلاة فيه {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}
أي هلاكٌ ودمار يوم القيامة للمكذبين بأوامر الله ونواهيه {فَبِأَيِّ
حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}؟ أي فبأي كتابٍ وكلام بعد هذا القرآن
المعجز الواضح يصدّقون إِن لم يؤمنوا بالقرآن؟ فإِذا كذبوا بالقرآن ولم
يؤمنوا به، مع بلوغه الغاية في الإِعجاز، ونصوع الحجة، وروعة البيان، فبأي
شيءٍ بعد ذلك يؤمنون؟ قال القرطبي: كرر قوله {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ} عشر مراتٍ للتخويف والوعيد، وقيل: إِنه ليس بتكرار،
لأنه أراد بكلِّ قولٍ منه غير الذي أراده بالآخر، كأنه ذكر شيئاً فقال:
ويلٌ لمن يكذب بهذا، ثم ذكر شيئاً آخر فقال: ويل لمن يكذب بهذا، وهكذا
إِلى آخر السورة الكريمة.







سورة المرسلات من 1 الى24

بسم الله الرحمن الرحيم


{وَالْمُرْسَلاتِ
عُرْفًا(1)فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا(2)وَالنَّاشِرَاتِ
نَشْرًا(3)فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا(4)فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا(5)عُذْرًا
أَوْ نُذْرًا(6)إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ(7)فَإِذَا النُّجُومُ
طُمِسَتْ(8)وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ(9)وَإِذَا الْجِبَالُ
نُسِفَتْ(10)وَإِذَا الرُّسُلُ أقِّتَتْ(11)لأَيِّ يَوْمٍ
أُجِّلَتْ(12)لِيَوْمِ الْفَصْلِ(13)وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ
الْفَصْلِ(14)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(15)}
{أَلَمْ
نُهْلِكِ لأَوَّلِينَ(16)ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ(17)كَذَلِكَ
نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ(18)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ(19)أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ
مَهِينٍ(20)فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(21) إِلَى قَدَرٍ
مَعْلُومٍ(22)فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ(23)وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ(24)

تفسير الايات


{وَالْمُرْسَلاتِ
عُرْفًا} أي أُقسم بالرياح حين تهبُّ متتابعة، يقفو بعضها إِثر بعض، قال
المفسرون: هي رياح العذاب التي يهلك الله بها الظالمين {فَالْعَاصِفَاتِ
عَصْفًا} أي وأُقسم بالرياح الشديدة الهبوب، إِذا أُرسلت عاصفة شديدة،
قلعت الأشجار، وخربت الديار، وغيَّرت الآثار {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} أي
وأُقسم بالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله، لتنشر رحمة الله
- المطر - فتحيي به البلاد والعباد {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} أي وأقسم
بالملائكة التي تفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام {فَالْمُلْقِيَاتِ
ذِكْرًا} أي وأقسم بالملائكة تنزل بالوحي، وتلقي كتب الله تبارك وتعالى
إِلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} أي تلقي الوحي
إِعذاراً من الله للعباد لئلا يبقى لهم حجة عند الله، أو إِنذاراً من الله
للخلق بالنقمة والعذاب {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} هذا هو جواب القسم
أي إِنَّ ما توعدون به من أمر القيامة، وأمر الحساب والجزاء، كائن لا
محالة، قال المفسرون: أقسم تعالى بخمسة أشياء، تنبيهاً على جلالة قدر
المقسم به، وتعظيماً لشأن المقسم عليه، فأقسم بالرياح التي تحمل الرحمة
والعذاب، وتسوق للعباد الخير أو الشر، وبالملائكة الأبرار، الذين يتنزلون
بالوحي للإِعذار والإِنذار، أقسم على أن أمر القيامة حق لا شك فيه، وأن ما
أوعد الله تعالى به المكذبين، من مجيء الساعة والثواب والعقاب، كائن لا
محالة، فلا ينبغي الشك والامتراء .. ثم بيَّن تعالى وفصَّل وقت وقوع ذلك
فقال {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أ ي محيت النجوم وذهب نورها وضياؤها
{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} أي شقت السماء وتصدَّعت {وَإِذَا
الْجِبَالُ نُسِفَتْ} أي تطايرت الجبال وتناثرت حتى أصبحت هباءً تذروه
الرياح كقوله تعالى {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً} {وَإِذَا
الرُّسُلُ أقِّتَتْ} أي جعل للرسل وقتٌ وأجل، للفصل بينهم وبين الأمم، وهو
يوم القيامة كقوله تعالى {يوم يجمع اللهُ الرسل فيقول ماذا أُجبتم}؟ وأصل
{أُقتت} وُقِّتت من الوقت أي جعل لها وقت محدد، قال الطبري: أي أُجّلت
للاجتماع لوقتها يوم القيامة، وقال مجاهد: هو الوقت الذي يحضرون فيه
للشهادة على أممهم {لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ}؟ استفهامٌ لتعظيم ذلك اليوم،
والتعجيب لما يقع فيه من الهول والشدة أي لأي يومٍ عظيم أُخرت الرسل؟ ثم
قال {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} أي ليوم القضاء والفصل بين الخلائق، يوم يفصل
الله بين الأنبياء وأممهم المكذبين بحكمه العادل {وَمَا أَدْرَاكَ مَا
يَوْمُ الْفَصْلِ}؟ استفهام للتعظيم والتهويل أي وما أعلمك أيها الإِنسان
بيوم الفصل وهوله؟ فإِن ذلك اليوم أعظم من أن يعرف أمره إِنسان، أو يحيط
به عقل أو وجدان، ووضع الظاهر {مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} مكان الضمير "ما هو"
لزيادة تفظيع وتهويل أمره، قال الإِمام الفخر الرازي: عجَّب العباد من
تعظيم ذلك اليوم فقال: لأي يومٍ أُجّلت الأمور المتعلقة بهؤلاء الرسل، وهي
تعذيب من كذَّبهم، وتعظيم من ءامن بهم، وظهور ما كانوا يدعون الخلق إِلى
الإِيمان به، من الأهوال والعرض والحساب، ثم إِنه تعالى بين ذلك فقال
{لِيَوْمِ الْفَصْلِ} وهو يومٌ يفصل الرحمن بين الخلائق، ثم أتبع ذلك
تعظيماً ثانياً فقال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} أي وما أعلمك
ما هو يوم الفصل وشدته ومهابته؟ وجواب الشرط {فإِذا النجوم} الخ محذوف
لدلالة الكلام عليه تقديره: وقع ما توعدون به، وجرى ما أخبركم به الرسل من
مجيء القيامة، والحذف على هذه الصورة من أساليب الإِيجاز البياني الذي
امتاز به القرآن {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك عظيم وخسار
كبير في ذلك اليوم لأولئك المكذبين بهذا اليوم الموعود، قال المفسرون:
كرَّر هذه الجملة {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في هذه السورة عشر
مرات لمزيد الترغيب والترهيب، وفي كل جملة وردت أخبارٌ عن أشياء من أحوال
الآخرة، وتذكير بأحوال الدنيا، فناسب أن يذكر الوعيد عقيب كل جملة منها
بالويل والدمار للكفرة الفجار، ولما كان - في سورة الإِنسان السابقة - ذكر
بعضاً من أحوال الكفار في الآخرة، وأطنب في وصف أحوال المؤمنين هناك، جاء
في هذه السورة بالإِطناب في وصف الكفار، والإِيجاز في وصف المؤمنين.

ثم
بعد أن أكد الخبر بيوم القيامة، وأنه حق كائن لا محالة، وبعد أن خوَّف
المكذبين من شدة هول ذلك اليوم، وفظاعة ما يقع فيه، عاد فخوَّفهم من بطش
الله وانتقامه بأسلوب آخر فقال {أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ}؟ أي ألم
نهلك السابقين بتكذيبهم للرسل، كقوم نوحٍ وعادٍ وثمود؟ {ثُمَّ
نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ}؟ أي ثم ألحقنا بهم المتأخرين ممن كانوا مثلهم في
التكذيب والعصيان، كقوم لوط وشعيب وقوم موسى "فرعون وأتباعه" ومن على
شاكلتهم {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} أي مثل ذلك الإِهلاك الفظيع
نفعل بهؤلاء المجرمين "كفار مكة" لتكذيبهم لسيد المرسلين صلى الله عليه
وسلم {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك ودمار لكل مكذب
بالتوحيد والنبوة، والبعث والحساب {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ
مَهِينٍ} تذكير للمكذبين وتعجيب من غفلتهم وذهولهم عن أبسط الأمور
المشاهدة، وهي أن من خلقهم من النطفة الحقيرة الضعيفة كان قادراً على
إِعادة خلقهم للعبث والحساب والمعنى: ألم نخلقكم يا معشر الكفار من ماءٍ
ضعيف حقير هو منيُّ الرجل؟ وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل (ابن آدم
أنَّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه) الحديث {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ
مَكِينٍ} أي فجعلنا هذا الماء المهين في مكان حريز وهو رحم المرأة {إِلَى
قَدَرٍ مَعْلُومٍ} أي إِلى مقدار من الزمن محدَّد معيَّن، معلوم عند الله
تعالى وهو وقت الولادة، {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} أي فقدرنا
على خلقه من النطفة، فنعم القادرون نحن حيث خلقناه في أحسن الصور، وأجمل
الأشكال {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هلاك ودمار للمكذبين
بقدرتنا، قال الصاوي: هذه الآية تذكير من الله تعالى للكفار بعظيم إِنعامه
عليهم، وبقدرته على ابتداء خلقهم، والقادرُ على الابتداء قادر على
الإِعادة، ففيها ردٌّ على المنكرين للبعث

من اقوال ابي بكر الصديق رضي الله عنه إنّ الله يرى من باطنك ما يرى من ظهرك.

سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير Divide10
ديدي
ديدي
مشرف قسم الصور
مشرف قسم الصور
السرطان
الحصان
عدد المساهمات : 124
عدد النقاط : 282
العمر : 33
البلد : المغرب
العمل/الترفيه : مدير مصنع
المزاج : حب الناس

سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير Empty رد: سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير

السبت 17 يوليو - 23:10
سورة الانسان سورة المرسلات.سورة المرسلات مع التفسير B95e70291c
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى