الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل

الاميرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
snow white
snow white
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
الجوزاء
الحصان
عدد المساهمات : 4862
عدد النقاط : 9302
العمر : 33
البلد : اسكندرية
العمل/الترفيه : جامعى
المزاج : هادىء
https://elamerat.yoo7.com

استفهام التعريف بالتفسير الإشاري

الخميس 12 نوفمبر - 23:37


]أولاً: تعريف التفسير الإشاري:


هو تفسير القرآن بغير ظاهره لإشارة تظهر لأرباب الصفاء، مع عدم إبطال الظاهر, قال الزرقاني: (التفسير الإشاري: هو تأويل القرآن بغيرظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف ويمكن الجمع بينها وبين الظاهرالمراد أيضا) أهـ [مناهل العرفان للزرقاني 2/56].
وقال الصابوني: (التفسيرالإشاري: هو تأويل القرآن على خلاف ظاهره، لإشارات خفية تظهر لبعض أولي العلم، أوتظهر للعارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة للنفس، ممن نور الله بصائرهمفأدركوا أسرار القرآن العظيم، أو انقدحت في أذهانهم بعض المعاني الدقيقة، بواسطةالإلهام الإلهي أو الفتح الرباني، مع إمكان الجمع بينهما وبين الظاهر المراد منالآيات الكريمة) أهـ [التبيان في علوم القرآن للصابوني ص191].

عرف التفسير الصوفي بالتفسير الإشاري، ويتمثل على زعمهم في أن يرى المفسر معنى آخر غير المعنى الظاهر، ربما تحتمله الآية الكريمة ولكنه لا يظهر للعامة من الناس، وإنما يظهر لخاصتهم ومن فتح الله قلبه وأنار بصيرته وسلكه ضمن عباده الصالحين، الذين منحهم الله الفهم والإدراك، وهذا النوع من العلم ليس من العلم الكسبى الذي ينال بالبحث والمذاكرة وإنما هو من العلم الوهبى الذي هو أثر التقى والاستقامة والصلاح، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

والتفسير الصوفي يعتمد أساسا على أن للقرآن ظاهرا وباطنا، ويقصد بالظاهر الشريعة وبالباطن الحقيقة، وعلم الشريعة علم المجاهدة، وعلم الحقيقة علم الهداية، وعلم الشريعة علم الآداب وعلم الحقيقة علم الأحوال، وعلم الشريعة يعلمه علماء الشريعة وعلم الحقيقة يعلمه العلماء بالله، يقول السلمى في مقدمة تفسيره عن الباعث لإقدامه على كتابة تفسير القرآن:
(لما رأيت المتوسمين بعلوم الظاهر قد سبقوا في أنواع فرائد القرآن، من قراءات وتفاسير ومشكلات وأحكام وإعراب ولغة ومجمل ومفصل وناسخ ومنسوخ، ولم يشتغل أحد منهم بفهم الخطاب على لسان أهل الحقيقة إلا آيات متفرقة، أحببت أن أجمع حروفا أستحسنها من ذلك وأضم أقوال مشايخ أهل الحقيقة إلى ذلك وأرتبه على السور حسب وسعى وطاقتى) أهـ.


ويقول سهل بن عبد الله التسترى في تفسيره، وهو أول ما ظهر للصوفية من تفسير للقرآن:
(ما من آية في القرآن إلا ولها أربعة معان، ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر التلاوة، والباطن الفهم، والحد حلالها وحرامها، والمطلع إشراف القلب على المراد بها فقها من الله عز وجل، فالعلم الظاهر علم عام، والفهم لباطنه والمراد به خاص) أهـ.

وقد ظهر أيضا تفسير ثالث لعبد الكريم القشيرى سلك فيه مسلك الصوفية في إدراك الإشارات التي يراها الصوفي خلف آيات القرآن، وسماه لطائف الإشارات، قال عن الباعث لتأليفه:
(وكتابنا هذا يأتى على طرف من إشارات القرآن على لسان أهل المعرفة إما من معاني قولهم أو قضايا أصولهم، سلكنا فيه طريق الإقلال خشية الملال مستمدين من الله تعالى عوائد المنة، متبرئين من الحول والمنة مستعصمين من الخطأ والخلل، مستوثقين لأصوب القول والعمل) أهـ.

ولم يظهر في تاريخ التفسير الإشاري حتى القرن الخامس، أهم من حقائق التفسير للسلمى، ولطائف الإشارات للقشيري وإن كان القشيري قد استفاد
من السلمى فائدة كبرى واقتبس منه كثيرا من آرائه.
وقد ظهر تفسير القرآن المنسوب لابن عربي، ولكنه في الحقيقة للكاشاني السمرقندي، ويعد هذا التفسير أهم تفسير إشارى بعد اللطائف، قال مؤلفه في مقدمته:
(ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حرف حد ومطلع، فالظهر هو التفسير، والبطن هو التأويل، والحد هو ما تتناهي إليه الفهوم من معنى الكلام، والمطلع ما يصعد إليه منه فيطلع على شهود الملك العلام) أهـ.

ويمكن القول باستقراء التفسيرات الصوفية السابقة أن السمة الغالبة في التفسير الإشاري لدى الصوفية تتمثل فيما يلى:
1- أن للقرآن ظاهرا وباطنا، وأن الظاهر للعوام والباطن لا يدركه إلا الخواص وإدراك الخواص مستمد من فيض إلهي ينير بصائرهم، ويكشف لهم على زعمهم عن معارف لدنية مباشرة.
2- أن العلم بالقرآن على هذا النحو يفترق عن العلوم القرآنية الأخرى في بدايته وفى طرائقه وفي غاياته، فضلا عن أنه يفترق عن سائر العلوم بضرورة العمل، فالعالم لابد أن يكون عاملا وعمله هو جهاده ورياضاته التي تؤدى إلى صقل إرادته وشحذ همته وتنقية مرآته الباطنية من كل شائبة، فالتفسير عموما ليس تفسيرا مباشرا، بل يسلك تزكية النفوس وتطهير القلوب والحث على التحلى بالأخلاق الفاضلة.
3- أن التفسير الإشاري وإن كان يعتمد على ما وراء العبارة الظاهرية إلا أنه لم تخل من بعض ما نقل من الآثار على النحو المذكور في التفسير بالمأثور أو التفسير بالرأي بالطريقة الاستنباطية، أو تفسيرات تعتمد على معاني الألفاظ والتفسيرات البلاغية.
4- تتعرض هذه التفسيرات لكثير من المعاني والمصطلحات الصوفية التي تكشف عن طريقتهم وتجربتهم، لا سيما أنهم يوجهون الآيات كشواهد لهذه الرموز والمصطلحات.
5- ومع ما فيها من معاني تقبل بصعوبة، أو يلتمس لها وجها تحمل عليه بمشقة، إلا أن هناك معان مشكلة تصل في بعض الأحيان إلى الكفر والزندقة.
6- لم تسلم هذه التفسيرات من الإسرائيليات، والاستشهاد بغير القرآن والسنة، ولم تتبع الدقة في تحري ثبوت الحديث، أو مراعاة التعليق على الأسانيد، وكذلك لم تخل من فكر باطني.




ثانيا: أمثله للتفسير الإشاري (جلّ كلام الله عنه):

· قوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته...} فالآية في نفقة الزوجة, لكن أرباب السلوك يرون فيها إشارة إلى أن الواصل يرشد إلىالله على قدر ما وهبه الله من المعرفة, والسالك يرشد أيضا لكن على قدره, قال ابنعطاء الله في الحكم:
({لينفق ذو سعة من سعته...} الواصلون إليه {ومن قدر عليهرزقه...} السائرون إليه) أهـ [ص 47 مع شرح ابن عجيبة].
· قوله تعالى: {إنماالصدقات للفقراء والمساكين} فالآية في مصارف الزكاة, لكن أرباب السلوك يرون فيهاإشارة إلى أن مواهب الله على القلوب لا تكون إلا بتحقيق الفقر والمسكنة لله تعالىقال ابن عجيبة في شرح الحكم ص 48:
(إقطع عنك المادة وافتقر إلى الله تفيض عليكالمواهب من الله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} إن أردت بسط المواهب عليك صححالفقر والفاقة لديك) أهـ

وقد استدل الصوفية لإباحة هذا النوع من التفسير بأدلة واهية؛ إما ضعيفة أو ساقطة أو موضوعة، لا يمكن أن يؤخذ منها ولو إلماحة لتجويز مثل هذه الشطحات مع كتاب الله تعالى.
وسياتي إن شاء الله أن بعض أهل العلم وضع شروطا صارمة لقبول مثل هذا النوع، وإن كنت أرى أنه باطل جملة وتفصيلا.




ثالثا: آراء العلماء في التفسير الإشاري:

اختلف العلماء في التفسير الإشاري، وتباينت فيه أراؤهم فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، ومنهم من عده من كمال الإيمان ومحض العرفان، ومنهم من اعتبره زيغا وضلالا وانحرافا عن دين الله تبارك وتعالى.
والواقع أن الموضوع دقيق يحتاج إلى بصيرة وروية ونظرة إلى أعماق الحقيقة ليظهر ما إذا كان الغرض من هذا النوع من التفسير هو اتباع الهوى والتلاعب في آيات الله كما فعل الباطنية والشيعة، فيكون ذلك من قبيل الزندقة والإلحاد، أو الغرض منه الإشارة إلى أن كلام الله تعالى يعز أن يحيط به بشر إحاطة تامة، وأن كلامه تعالى وضعت فيه مفاهيم وأسرار ودقائق وعجائب لا تنقضي على مدار الأزمان، ويتوالى إعجازه مرة بعد أخرى، فيكون ذلك من محض العرفان وكمال الإيمان.

ويمكن أن نعرض أهم آراء العلماء التي نسترشد بها في تحديد شروط قبول التفسير الإشاري، فمن ذلك:
1- رأى ابن الصلاح: في [فتاوى ابنالصلاح 1/196]:
( مسألة: سأل سائل في كلام الصوفية في القرآن كالجنيد وغيره وكانالسائل عن هذا ينكر ما سمع من ذلك وكان يجالس شيخا من المفتين فجرى ذلك في مجلسهفابتدأ الشيخ وقال كالمستحسن لكلام الصوفية: هم لا يريدون به تفسير القرآن وإنماهي معاني يجدونها عند التلاوة.
وقال أيضا يقولون: {يا أيها الذين آمنوا قاتلواالذين يلونكم من الكفار} قالوا: هي النفس، وكان الشيخ المفتي يشرح ذلك ويقول: أمرنا بقتال من يلينا لأنهم أقرب شرا إلينا وأقرب شرا إلى الإنسان نفسه.
وقالالشيخ أيضا: يقولون: {إنا أرسلنا نوحا إلى قومه} يقول نوح العقل والغرض أنهم يلقيالله عندهم في كلامه ما ينتفعون به وهذا قد صدر عن أكابرهم والجم الغفير وأنتم بذلكأعلم والسائل لهذا ليس بجاهل وليس غرضه إلا الاعتضاد بما يسمع من الشيخ تقي الدينرضي الله عنه واحد لا يجهل أن قوله تعالى: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} ليسالمراد به النفس وإن المراد ظاهر ومن قال غير ذاك فهو مخطئ.
فأجاب رضي الله عنه:
وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله أنه قال: صنف أبو عبدالرحمن السلمي حقائق التفسير فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
وأنا أقول: الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئا من أمثال ذلك أنه لم يذكر تفسيرا ولا ذهببه مذهب الشرح للكلمة المذكورة في القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوامسالك الباطنية.
وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، فمن ذكر قتال النفس في الآية المذكورة فكأنه قال: أمرنا بقتال النفس ومنيلينا من الكفار, ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإيهاموالالتباس والله أعلم) أهـ.

2- رأى الشاطبى:
يقسم الشاطبى الاعتبارات القرآنية الواردة على القلوب الطاهرة وأصحاب البصائر إذا صحت على كمال شروطها على ضربين:
· ما يكون أصل انفجاره من القرآن ويتبعه سائر الموجودات، فإن الاعتبار الصحيح في الجملة هو الذي يخرق من البصيرة في حجب الأكوان من غير توقف، فإن توقف فهو غير صحيح حسبما بينه أهل التحقيق بالسلوك.
· ما يكون انفجاره من الموجودات كليا أو جزئيا ويتبعه الاعتبار في القرآن.
فإن كان الأول فهذا الاعتبار صحيح وهو معتمد على فهم باطن القرآن من غير إشكال، وإن كان الثاني فالتوقف على اعتباره في فهم باطن القرآن لازم وأخذه على إطلاقه ممتنع لأنه بخلاف الأول.

قال في الموافقاتوقد ذكر نماذج من التفسير الإشاري عن سهل التستري 3/398:
( ولكن له وجه جار علىالصحة وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية ولكن أتى بما هو ند في الاعتبارالشرعي الذي شهد له القرآن من جهتين:
أحداهما: أن الناظر قد يأخذ من معنىالآية معنى من باب الاعتبار فيجريه فيما لم تنزل فيه لأنه يجامعه في القصد أو يقاربه ...) أهـ.

ثم قال 3/403: (... وإنما احتيج إلى هذا كله لجلالة من نقلعنهم ذلك [أي التفسير الإشاري] من الفضلاء وربما ألمّ الغزالي بشيء منه فيالإحياء وغيره وهو مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم فإن الناس في أمثال هذهالأشياء بين قائِلَينِ:
منهم: من يصدق به ويأخذه على ظاهره ويعتقد أن ذلك هومراد الله تعالى من كتابه وإذا عارضه ما ينقل في كتب التفسير على خلافة فربما كذببه أو أشكل عليه.
ومنهم: من يكذب به على الإطلاق ويرى أنه تقوّل وبهتان مثل ماتقدم من تفسير الباطنية ومن حذا حذوهم وكلا الطريقين فيه ميل عن الإنصاف). أهـ.

ثم قال 3/404 – 406: ( فنقول: إن تلك الأنظار الباطنة في الآيات المذكورة إذالم يظهر جريانها على مقتضى الشروط المتقدمة [شروط قبول التفسير] فهي راجعة إلىالاعتبار غير القرآني وهو الوجودي ويصح تنزيله على معاني القرآن لأنه وجودي أيضافهو مشترك من تلك الجهة غير خاص فلا يطالب فيه المعتبر بشاهد موافق إلا ما يطالبهالمربي وهو أمر خاص وعلم منفرد بنفسه لا يختص بهذا الموضع فلذلك يوقف على محله، فكون القلب جارا ذا قربى والجار الجنب هو النفس الطبيعي، إلى سائر ما ذكر [التستري]؛ يصح تنزيله اعتباريا مطلقا، فإن مقابلة الوجود بعضه ببعض في هذا النمطصحيح وسهل جدا عند أربابه غير أنه مغرر بمن ليس براسخ أو داخل تحت إيالةراسخ.
وأيضا فإن من ذكر عنه مثل ذلك من المعتبرين لم يصرح بأنه المعنى المقصودالمخاطب به الخلق بل أجراه مجراه وسكت عن كونه هو المراد
وإن جاء شيء من ذلكوصرح صاحبه أنه هو المراد فهو من أرباب الأحوال الذين لا يفرقون بين الاعتبارالقرآني والوجودي وأكثر ما يطرأ هذا لمن هو بعد في السلوك سائر على الطريق لم يتحققبمطلوبه, ولا اعتبار بقول من لم يثبت اعتبار قوله من الباطنية وغيرهم.
وللغزاليفي (مشكاة الأنوار) وفي (كتاب الشكر من الإحياء) وفي (كتاب جواهر القرآن) في الاعتبارالقرآني وغيره ما يتبين به لهذا الموضع أمثلة فتأملها هناك والله الموفق، ولا فائدة فيالتكرار إذا وضح طريق الوصول إلى الحق والصواب) أهـ.

3- رأي الأستاذ محمد عبد العظيم الرزقانى:
يرى الزرقانى أن بعض الناس قد فتنوا بالإقبال على دراسة تلك الإشارات والخواطر، فدخل في روعهم أن الكتاب والسنة بل والإسلام كله ما هو إلا سوانح وواردات على هذا النحو من التأويلات والتوجيهات، وزعموا أن الأمر ما هو إلا تخييلات، وأن المطلوب منهم هو الشطح مع الخيال أينما شطح، فلم يتقيدوا بتكاليف الشريعة، ولم يحترموا قوانين اللغة العربية في فهم أبلغ النصوص العربية، كتاب الله وسنة رسوله والأدهي من ذلك أنهم يتخيلون ويخيلون للناس أنهم هم أهل الحقيقة، الذين أدركوا الغاية واتصلوا بالله اتصالا أسقط عنهم التكليف، وسما بهم عن حضيض الأخذ بالأسباب ما دموا في زعمهم مع رب الأرباب، وهذا لعمر الله هو المصاب العظيم الذي عمل له الباطنية، كيما يهدموا التشريع من أصوله ويأتوا بنيانه من قواعده، فواجب النصح لإخواننا المسلمين يقتضينا أن نحذرهم الوقوع في هذه الشباك، ونشير عليهم أن ينفضوا من أمثال تلك التفاسير الإشارية الملتوية، لإنها كلها أذواق ومواجيد خارجة عن حدود الضبط والتقييد، وكثيرا ما يختلط فيها الخيال بالحقيقة والحق بالباطل فالأحرى بالفطن العاقل أن ينأى بنفسه عن هذه المزالق وأن يفر بدينه من هذه الشبهات، وأمامه في الكتاب والسنة وشروحهما على قوانين الشريعة واللغة رياض وجنات).

4- رأي الأستاذ محمد حسين الذهبي:
يقرر الذهبي أن الأدلة مجتمعة تعطينا أن القرآن الكريم له ظهر وبطن، ظهر يفهمه كل من يعرف اللسان العربي، وبطن يفهمه أصحاب الموهبة وأرباب البصائر، غير أن المعاني الباطنية للقرآن، لا تقف عند الحد الذي تصل إليه مداركنا القاصرة بل هي أمر فوق ما نظن وأعظم مما نتصور.

يقول: (أما المعنى الباطن فلا يقف على جريانه على اللسان وحده بل لا بد فيه مع ذلك إلى نور يقذفه الله تعالى في قلب الإنسان، يصير به نافذ البصيرة سليم التفكير، ومعنى هذا أن التفسير الباطن ليس أمرا خارجا عن مدلول اللفظ القرآنى).
ويقول أيضا: (أما الصوفية أهل الحقيقة وأصحاب الإشارة فقد اعترفوا بظاهر القرآن ولم يجحدوه كما اعترفوا بباطنه ولكنهم حين فسروا المعاني الباطنية خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، فبينما تجد لهم أفهاما مقبولة تجد لهم بجوارها أفهاما لا يمكن أن يقبلها العقل أو يرضى بها الشرع).

والخلاصة في رأي الذهبي: أن مثل هذه التفاسير الغريبة للقرآن مزلة قدم لمن يعرف مقاصد القوم، وليتهم احتفظوا بها عند أنفسهم ولم يذيعوها على الناس فيوقعهم في حيرة واختلاف، منهم من يأخذها على ظاهرها ويعتقد أن ذلك هو مراد الله من كلامه، وإذا عارضه ما ينقل في كتب التفسير على خلافها ربما كذب بها أو أشكل عليه ومنهم من يكذبها على الإطلاق ويرى أنها تقول على الله وبهتان، إذن ليتهم ما فعلوا ذلك، إذن لأراحونا من هذه الحيرة وأراحوا أنفسهم من كلام الناس فيهم وقذف البعض لهم بالكفر والإلحاد في آيات الله.

5- رأي الدكتور محمد كمال جعفر:
ويرى الدكتور جعفر أنه يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أنه من الطبيعي أن لا يقف الصوفي عند المعاني التقليدية في أي من القرآن أو السنة قولا وعملا، لأنه ليس كالفقيه أو العالم الذي يعتمد على النظر العقلى فحسب، لأن ذلك لا يشبع رغبته ولا يمد روحه بالزاد الضروري، بل إنه يتعمق إلى معان وراء المعنى الظاهر المباشر، وإن لم يكن من الضرورى أن تكون هذه المعاني العميقة متناقضة مع تلك المعاني الظاهرية، ويشير الدكتور جعفر إلى نقطة هامة، وهي أن القرآن بالنسبة للصوفى يحمل حقيقتين متساويتين في الأهمية، فهو من جهة وحى تاريخى اتخذ وضعه في الزمان والمكان المحددين، وهو من جهة أخرى النبع الفياض الذي لا تنفد حقائقه الإلهية الصادرة عن الله جل جلاله، وهو لا متناه لأنه كلام الموجود الذي لا يتناهي ، والمعاني الباطنية لكلماته غير متناهية كذلك أيضا.
كما أن الصوفي المتأمل قد يصل إلى مرحلة يدرك فيها أعمق المعاني الروحية في القرآن، وهذه الفكرة في حد ذاتها بصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى قد تثير صعوبات، بحيث أنها تؤدى إلى أن يكون تفسير القرآن مختلفا باختلاف الذوات المشتركة فيها أي أن يكون الموقف موقفا ذاتيا مما ينتج بدوره تفسيرات متعارضة ويؤدى إلى اضطراب كبير، ولكن الحقيقة أن الصوفية فعلا يرون أن تعدد التفسيرات أمر حتمي، لأن معاني القرآن لا نهائية وتتكشف لكل صوفى حسب طاقته الروحية وحسب فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس في ذلك أي ضير ما دام هذا متصلا بالمعاني الكمالية التي لا تتجاوز حدود المعاني المباشرة المتفق عليها.

6- الشيخ بن عاشور:
قال ابن عاشور في (تفسيره 1/16):
(أما ما يتكلم به أهل الإشارات من الصوفية في بعض آيات القرآن من معان لاتجري على ألفاظ القرآن ولكن بتأويل ونحوه فينبغي أن تعلموا أنهم ما كانوا يدعون أنكلامهم في ذلك تفسير للقرآن بل يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلمفيه وحسبكم في ذلك أنهم سموها إشارات ولم يسموها معاني ... ) أهـ.
وقال أيضا في (تفسيره 1/17):
(فنسبة الإشارة إلى لفظ القرآن مجازية لأنها إنما تشير لمن استعدتعقولهم وتدبرهم في حال من الأحوال الثلاثة ولا ينتفع بها غير أولئك فلما كانت آياتالقرآن قد أنارت تدبرهم وأثارت اعتبارهم نسبوا تلك الإشارة للآية.
فليست تلكالإشارة هي حق الدلالة اللفظية والاستعمالية حتى تكون من لوازم اللفظ وتوابعه كماقد تبين). أهـ.

7- الإمام الزركشي:
قال الزركشي في (البرهان فيعلوم القرآن 2/215):
(فأما كلامالصوفية في تفسير القرآن؛ فقيل: ليس تفسيرا، وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عندالتلاوة كقول بعضهم في: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}: إنالمراد النفس، فأمرنا بقتال من يلينا، لأنها أقرب شيء إلينا وأقرب شيء إلى الإنساننفسه). أهـ.
ثم ذكر كلام ابن الصلاح السابق مقرا مستدلا به.

8- شيخ الإسلام ابن تيمية:
قال في (مجموع الفتاوي 6/376):
(فإن إشارات المشايخ الصوفية التييشيرون بها تنقسم إلى:
إشارة حالية: وهى إشارتهم بالقلوب وذلك هو الذيامتازوا به وليس هذا موضعه.
وتنقسم إلى الإشارات المتعقلة بالأقوال: مثل مايأخذونها من القرآن ونحوه فتلك الإشارات هي من باب الاعتبار والقياس وإلحاق ما ليسبمنصوص بالمنصوص مثل الاعتبار والقياس الذي يستعمله الفقهاء في الأحكام، لكن هذايستعمل في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال ودرجات الرجال ونحو ذلك.
فإن كانتالإشارة اعتبارية من جنس القياس الصحيح كانت حسنة مقبولة، وإن كانت كالقياس الضعيفكان لها حكمه، وإن كان تحريفا للكلام عن مواضعه وتأويلا للكلام على غير تأويله كانتمن جنس كلام القرامطة والباطنية والجهمية فتدبر هذا فإني قد أوضحت هذا في قاعدةالإشارات) أهـ.

وقال أيضا كما في (مجموع الفتاوي 2/28):
(وأما أرباب الإشاراتالذين يثبتون ما دل اللفظ عليه ويجعلون المعنى المشار إليه مفهوما من جهة القياسوالاعتبار فحالهم كحال الفقهاء العالمين بالقياس والاعتبار، وهذا حق إذا كان قياساصحيحا لا فاسدا واعتبارا مستقيما لا منحرفا) أهـ.

وقال أيضا في (13/240):
(والثاني:ما كان في نفسه حقا لكن يستدلون عليه من القرآن والحديث بألفاظ لم يُرَد بها ذلكفهذا الذي يسمونه إشارات، و حقائق التفسير لأبى عبد الرحمن فيه من هذا الباب شيءكثير ...، وهو الذي يشتبه كثيرا على بعض الناس فان المعنى يكون صحيحا لدلالةالكتاب والسنة عليه ولكن الشأن في كون اللفظ الذي يذكرونه دل عليه, وهذان قسمان:
أحدهما: أن يقال إن ذلك المعنى مراد باللفظ فهذا افتراء على الله... .
القسم الثاني: أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس لا من باب دلالة اللفظ، فهذا مننوع القياس فالذي تسميه الفقهاء قياسا هو الذي تسميه الصوفية إشارة، وهذا ينقسم إلىصحيح وباطل كانقسام القياس إلى ذلك
فمن سمع قول الله تعالى: {لا يمسه إلاالمطهرون} وقال: إنه اللوح المحفوظ أو المصحف, فقال: كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوبالطاهرة وهى قلوب المتقين كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا... ، وكذلك من قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا جنب، فاعتبر بذلك أن القلب لا يدخله حقائقالإيمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر والحسد فقد أصاب) أهـ.

قال السيوطي في (الإتقان 4/377):
(وسئل شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني عن رجل قال في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} إن معناه: من ذلّ؛ أي: من الذل. ذي: إشارة إلى النفس، يشفَ: من الشفا جواب (مَنْ). عُ: أمر من الوعي، فأفتى بأنه ملحد.
وقد قال تعالى: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} قال ابن عباس: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه. أخرجه ابن أبي حاتم) أهـ.




رابعا: شروط قبول التفسير الصوفي الإشاري:

قال ابن القيم في كتاب (التبيان في إيمان القرآن ص 123):
(وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هيالمراد = فغلط، وإن أريد أنها أخذت من طريق الإشارة والقياس؛ فأمرها قريب.
وتفسيرالناس يدور على ثلاثة أصول:
1- تفسير على اللفظ؛ وهو الذي ينحو إليه المتأخرون.
2- وتفسير على المعنى؛ وهو الذي يذكره السلف.
3- وتفسير على الإشارة والقياس؛ وهو الذيينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم. وهذا لا بأس به بأربعة شرائط:
1) أن لايناقض معنى الآية.
2) وأن يكون معنىً صحيحا في نفسه.
3) وأن يكون في اللفظإشعار به.
4) وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم.
فإذا اجتمعتهذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا) أهـ.

وقال الزرقاني في (مناهل العرفان 2/58):
(مما تقدم يعلم أن التفسير الإشاري لا يكون مقبولا إلا بشروط خمسة وهي:
1- ألا يتنافى وما يظهر من معنى النظم الكريم.
2- ألا يدعى أنه المراد وحدهدون الظاهر.
3- ألا يكون تأويلا بعيدا سخيفا كتفسير بعضهم قوله تعالى: {وإنالله لمع المحسنين} بجعل كلمة (لمع) فعلا ماضيا، وكلمة المحسنين مفعوله.
4- ألايكون له معارض شرعي أو عقلي.
5- أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.
كذلك اشترطوا، بيدأن هذه الشروط متداخلة فيمكن الاستغناء بالأول عن الثالث، وبالخامس عن الرابع، ويحسنملاحظة شرطين بدلهما:
أحدهما: بيان المعنى الموضوع له اللفظ الكريم أولا.
ثانيهما: ألا يكون من وراء هذا التفسير الإشاري تشويش على المفسَّر له.

ثمإن هذه شروط لقبوله بمعنى عدم رفضه فحسب وليست شروطا لوجوب اتباعه والأخذ به, ذلكلأنه لا يتنافى وظاهر القرآن، ثم إن له شاهدا يعضده من الشرع وكل ما كان كذلك لايرفض, وإنما لم يجب الأخذ به لأن النظم الكريم لم يوضع للدلالة عليه بل هو من قبيلالإلهامات التي تلوح لأصحابها غير منضبطة بلغة ولا مقيدة بقوانين) أهـ.

ويرى الدكتور محمد كمال جعفر: أنه لا بد قبل تقرير شروط قبول التفسير الصوفي التنبه إلى أن التفسير الصوفي يرتبط بنوعية اعتقاد المفسر، ويمكن إجمال تفسيراتهم في نوعين:
1) التفسير النظرى: وهو التفسير المبني على نزعة فلسفية حيث تتوجه الآيات القرانية لديهم وفق نظرياتهم وتتفق مع تعاليمهم.
2) التفسير الإشاري: هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك ولا يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة.

والفرق بين التفسير النظرى و التفسير الإشاري في أثرهما على تفسير القرآن؛ أن التفسير النظرى يبنى على مقدمة علمية تنقدح في ذهن الصوفي أولا ثم ينزل القرآن عليها بعد ذلك، أما التفسير الإشاري فلا يرتكز على مقدمات علمية بل يرتكز على مجاهدات رياضية، يأخذ الصوفي نفسه بها حتى يصل إلى درجة إيمانية تنكشف له فيها من سبل العبارات هذه الإشارات، وتتوالى على قلبه تحليل الآيات من المعاني الربانية.
كما أن التفسير الصوفي النظري يرى صاحبه أنه كل ما تحتمله الآية من معاني وليس وراءه معنى آخر يمكن أن تحمل عليه إلا هذا، على حسب طاقته أما التفسير الإشاري فلا يرى الصوفي أن كل ما يراد من الآية بل يرى أن هناك معنى آخر تحتمله الآية ويراد منها أولا وقبل كل شيء ذلك المعنى الظاهر الذي ينساق إليه الذهن قبل غيره.

ويرى الدكتور جعفر في شرطه لقبول التفسير الصوفي أن تأويل الصوفية للقرآن أو الفهم الخاص له إذا خلا من أي هدف سياسي أو اجتماعي، سواء كان لرد اعتبار أو كوثيقة أمن أو بسط سلطان أو كسب ثروة أو احتفاظ بمراكز نفوذ تتعلق بأشخاص أو بجماعات، إذا لم يكن له مثل هذا الهدف وإذا كان لا يعارض نصا قرآنيا آخر، ولا يعارض الاستعمال العربي، ولا يؤدى إلى تحريف أو انحراف، وإذا كان وجوده يضيف ثروة روحية أو عقلية، وإذا كان لا يدعى من السلطة ما يجعله أمرا ملزما، بفرض واحديته في الأحقية، إذ كان كذلك فهو تأويل مقبول، ليست له غاية إلا تعميق الفهم عن الله الذي ما زال كتابه منبعا لا يغيض ومعينا لا ينضب للحقائق والأسرار.

ومن ثم وبناء على ما سبق من الآراء يمكن تقرير الشروط التي يقبل بها التفسير الصوفي في العناصر الآتية:
1- ألا يكون التفسير الصوفي منافيا للظاهر من النظم القرآنى الكريم.
2- أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.
3- ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي.
4- ألا يدعي أن التفسير الصوفي هو المراد وحده من الظاهر.
5- ألا يكون التأويل بعيدا لا يحتمله اللفظ فيه تلبيس على أفهام الناس.

فإذا توفرت هذه الشروط، وليس للتفسير ما ينافيه أو يعارضه من الأدلة الشرعية، جاز الأخذ به أو تركه، لأنه من قبيل الوجدانيات، والوجدانيات لا تقوم على دليل نظري، وإنما هو أمر يبعث على تنمية المشاعر وتحصيل مكارم الأخلاق، فيجده الصوفي من نفسه ويسره بينه وبين ربه، فله أن يأخذ به أو يعمل بمقتضاه دون أن يلزم به أحدا من الناس، والأحرى ألا يسمى هذا اللون من الفهم تفسيرا وإنما يسمى ذكر النظير بالنظير الذي يعتبر صحيحا.

هذا آخر ما أردت بحثه وجمعه وكتابته حول هذا الموضوع المهم الخطير والذي يمس أعظم معلم من معالم الإسلام؛ ألا وهو كتاب الله تعالى وكلامه.

[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى