سورة الملك وفضلها ومقدمة لها واعرابها

الفصل الثاني

المبحث الأول: فضل سورة الملك
من الأحاديث الواردة في فضل سورة الملك والترغيب في قراءتها والمداومة عليها:
عن أبي هريرة عن النبي قال:" إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك "

وعن عبد الله بن مسعود قال: يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك ثم يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك فهي المانعة تمنع عذاب القبر وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب .

المبحث الثاني: تقديم لسورة الملك
هذه السورة من السور المكية، والقرآن المكي يعالج- في الغالب- إنشاء العقيدة، في الله، وفي الوحي، وفي اليوم الآخر، وإنشاء التصور المنبثق من هذه العقيدة لهذا الوجود وعلاقته بخالقه، والتعريف بالخالق تعريفاً يجعل الشعور به حياً في القلب، موحياً بالمشاعر اللائقة بعبد يتجه قلبه إلى رب، وبالأدب الذي يلزمه العبد مع الرب.
هذه السورة تعالج إنشاء تصور جديد للوجود وعلاقاته بخالق الوجود، تصور واسع شامل يتجاوز عالم الأرض الضيق وحيز الدنيا المحدود، إلى عالم السماوات، وإلى الحياة في الآخرة، وإلى خلائق أخرى غير الإنسان في عالم الأرض كالجن والطير، وفي العالم الآخر كجهنم وخزنتها، وإلى عوالم في الغيب غير عالم الظاهر تعلق بها قلوب الناس ومشاعرهم، فلا تستغرق في هذه الحياة الظاهرة في هذه الأرض.
إن الموت والحياة أمران مألوفان، ولكن هذه السورة تبعث حركة التأمل فيما وراء الموت والحياة من قدر الله وبلائه، ومن حكمة الله وتدبيره
قال تعالى:

والسماء خلق ثابت أمام الأعين الجاهلة لا تتجاوزه إلى اليد التي أبدعته، ولا تلتفت لما فيه من كمال، ولكن السورة تبعث على التأمل والاستغراق في هذا الجمال والكمال وما وراءها من حركة وأهداف

إن الحياة الدنيا تبدو في الجاهلية غاية الوجود، ونهاية المطاف، ولكن السورة تكشف الستار عن عالم آخر هو حاضر للكافرين والشياطين؛ خلق أخر حافل بالحركة والتحفز والانتظار:
فهذه السورة تشد قلوبهم وأنظارهم إلى الغيب وإلى السماء وإلى القدرة التي لم ترها عين، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحين تشاء، وتهز في حسهم هذه الأرض الثابتة التي يطمئنون إليها ويستغرقون فيه.












المبحث الثالث: إعراب سورة الملك


‏{ ‏}
قوله ‏"‏تبارك الذي‏"‏‏:‏ فعل ماض وجامد وفاعله، جملة ‏"‏وهو على كل شيء قدير‏"‏ معطوفة على جملة الصلة‏.‏

‏{‏ }
‏"‏الذي‏"‏ بدل من الموصول السابق، المصدر المؤول ‏"‏ليبلوكم‏"‏ مجرور متعلق بـ ‏"‏خلق‏"‏، ‏"‏أيكم‏"‏ اسم استفهام مبتدأ، ‏"‏أحسن‏"‏ خبر، ‏"‏عملا‏"‏ تمييز، وجملة ‏"‏أيكم أحسن‏"‏ مفعول به، لـ ‏"‏يبلوكم‏"‏ المتضمن معنى العلم المعلق بالاستفهام، جملة ‏"‏وهو العزيز‏"‏ معطوفة على جملة الصلة‏.‏

{‏ }‏
‏"‏الذي‏"‏ نعت ‏"‏للغفور‏"‏، ‏"‏طباقاً‏"‏-واحدها طبقة، وقيل طبق-نعت لـ ‏"‏سبع‏"‏، وهو جمع طَبَق نحو‏:‏ جَبَل وجِبال، جملة ‏"‏ما ترى‏"‏ مستأنفة، الجار ‏"‏في خلق‏"‏ متعلق بحال من ‏"‏تفاوت‏"‏، و‏"‏تفاوت‏"-‏ بالألف وضم الواو مصدر تفاوت، وتفوت بالتشديد مصدر تفوت وهما لغتان-مفعول به، و‏"‏من‏"‏ زائدة، وجملة ‏"‏فارجع‏"‏ مستأنفة، وجملة ‏"‏هل ترى‏"‏ مفعول به للفعل ‏"‏ارجع البصر‏"‏ مضمنا معنى انظر؛ لأنه بمعناه، و‏"‏فطور‏"‏ مفعول به لـ ‏"‏ترى‏"‏، و‏"‏من‏"‏ زائدة‏.‏

{ }
‏"‏كرّتين‏"- أي رجعتين-‏ نائب مفعول مطلق، وهو مثنى يراد به التكثير، ‏"‏خاسئا‏"‏ حال، وجملة ‏"‏وهو حسير‏"‏ حال من الضمير المستتر في الحال قبلها فهي متداخلة‏.‏

{ }
الواو مستأنفة، ‏"‏رجوما‏"‏ مفعول ثان، الجار ‏"‏للشياطين‏"‏ متعلق بنعت لـ ‏"‏رجوما‏"‏، جملة ‏"‏وأعتدنا‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏جعلناها‏"‏‏.‏

{ }‏
الواو في ‏"‏وللذين‏"‏ مستأنفة، "كفروا بربهم عذاب" بالرفع على الابتداء، والخبر للذين، ويقرأ بالنصب عطفا على عذاب السعير، جملة ‏"‏و بئس المصير‏"‏ مستأنفة، والمخصوص بالذم محذوف أي‏:‏ جهنم‏.‏

{ }
جملة الشرط مستأنفة، جملة ‏"‏وهي تفور‏"‏ حالية من الضمير في ‏"‏لها‏"‏‏.‏
{ ‏}
جملة ‏"‏تكاد‏"‏ حالية من فاعل ‏"‏تفور‏"‏، و‏"‏كل‏"‏ ظرف بمعنى حين متعلق بـ ‏"‏سألهم‏"‏، و‏"‏ما‏"‏ مصدرية أي‏:‏ سألهم خزنتها كل وقت إلقاء، وجملة ‏"‏سألهم‏"‏ مستأنفة، وجملة ‏"‏ألقي‏"‏ صلة الموصول الحرفي، وجملة ‏"‏ألم يأتكم نذير‏"‏ مفعول به للسؤال‏.‏

{ }
جملة ‏"‏فكذَّبنا‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏جاءنا‏"‏، ‏"‏شيء‏"‏ مفعول به لـ ‏"‏نـزل‏"‏، و‏"‏من‏"‏ زائدة، وجملة ‏"‏إن أنتم إلا في ضلال‏"‏ مستأنفة في حيز القول، و‏"‏إن‏"‏ نافية‏.‏
{ }
جملة الشرط مقول القول‏.‏

{ }
جملة ‏"‏فاعترفوا‏"‏ مستأنفة، قوله ‏"‏فسحقا‏"‏‏- أي فالزمهم سحقا، أو فأسحقهم سحقا-:‏ الفاء مستأنفة مفعول مطلق، وجملة ‏(‏أسحقهم الله‏)‏‏:‏ مستأنفة‏.‏

{ }
الجار ‏"‏بالغيب‏"‏ متعلق بحال من فاعل ‏"‏يخشون‏"‏، وجملة ‏"‏لهم مغفرة‏"‏ خبر ‏‏إن.

{ }
جملة ‏"‏وأسِرُّوا‏"‏ مستأنفة، الجار ‏"‏بذات‏"‏ متعلق بـ ‏"‏عليم‏"‏‏.‏

{ }
‏"‏ألا‏"‏ الهمزة للاستفهام، ‏"‏لا‏"‏ نافية، "من خلق" من في موضع رفع فاعل يعلم، والمفعول محذوف أي ألا يعلم الخالق خلقه، وقيل الفاعل مضمر، ومن مفعول وجملة ‏"‏وهو اللطيف‏"‏ حالية، ‏‏و"الخبير‏"‏ خبر ثان‏.‏

{ }
‏"‏ذلولا‏"‏ مفعول به ثان، وجملة ‏"‏فامشوا‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏جعل‏"‏، وجملة ‏"‏وإليه النشور‏"‏ معطوفة على جملة الصلة ‏"‏جعل‏"‏‏.‏
{ ‏ }
‏ قوله تعالى "النشور أأمنتم" يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل، وبقلبها واوا في الوصل لانضمام الراء قبلها ،"‏مَنْ‏"‏ موصول فاعل، والمصدر ‏"‏أن يخسف‏"‏ بدل اشتمال مِنْ ‏"‏مَنْ‏"‏، والفاء في ‏"‏فإذا‏"‏ عاطفة، ‏"‏إذا‏"‏ فجائية، وجملة ‏"‏فإذا هي تمور‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏يخسف‏"‏‏.‏

{ }
‏"‏أم‏"‏ المنقطعة، والمصدر ‏"‏أن يرسل‏"‏ بدل اشتمال من ‏"‏مَن‏"‏، والفاء رابطة لجواب شرط مقدر أي‏:‏ إن جاءكم هذا فستعلمون، ‏"‏كيف‏"‏ اسم استفهام خبر المبتدأ ‏"‏نذير‏"‏، وحذفت ياء الإضافة من ‏"‏نذير‏"‏ للتخفيف، وجملة ‏"‏كيف نذير‏"‏ مفعول به لفعل العلم المعلق بالاستفهام‏.‏

{ }
جملة ‏"‏ولقد كذَّب‏"‏ مستأنفة، والفاء في ‏"‏فكيف‏"‏ عاطفة، وجملة ‏"‏فكيف كان نكير‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏كذَّب‏"‏، ‏"‏كيف‏"‏ اسم استفهام خبر ‏"‏كان‏"‏، ‏"‏نكير‏"‏ اسم كان مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة للتخفيف‏.‏

{ ‏ }
جملة ‏"‏أولم يروا‏"‏ مستأنفة، ‏"‏فوقهم‏"‏ ظرف متعلق بحال من ‏"‏الطير‏"‏، ‏"‏صافَّات‏"‏ حال ثانية، وجملة ‏"‏ويقبضن‏"‏ معطوفة على الحال المفردة ‏"‏صافات‏"‏، يجوز أن يكون صافات حالا، وفوقهم ظرف لها، ويجوز أن يكون فوقهم حالا، وصافات حالا من الضمير في فوقهم "ويقبضن" معطوف على اسم الفاعل حملا على المعنى: أي يصففن ويقبضن: أي صافات وقابضات، من قبيل عطف الجملة على المفرد، جملة ‏"‏ما يمسكهنَّ إلا الرحمن‏"‏ حال من الضمير في ‏"‏يقبضن‏"‏، أي‏:‏ غير مُمْسَكات إلا من الرحمن، ومفعول يقبضن محذوف: أي أجنحتهن، جملة ‏"‏إنه بصير‏"‏ مستأنفة، الجار ‏"‏بكل‏"‏ متعلق بـ ‏"‏بصير‏"‏‏.‏

{ }
‏"‏أم‏"‏ المنقطعة، ‏"‏مَنْ‏"‏ اسم استفهام مبتدأ، ‏"‏هذا‏"‏ خبره، الذي بدل من اسم الإشارة، جملة ‏"‏ينصركم‏"‏ نعت لـ ‏"‏جند‏"‏ ولو جمع على المعنى لجاز، الجار ‏"‏من دون‏"‏ متعلق بحال مِنْ فاعل ‏"‏ينصركم‏"‏، وجملة ‏"‏إن الكافرون إلا في غرور‏"‏ مستأنفة، ‏"‏إنْ‏"‏ نافية، ‏"‏إلا‏"‏ للحصر‏.‏

{ }
‏"‏أم‏"‏ المنقطعة، و ‏"‏من هذا‏"‏ مبتدأ وخبر، والموصول بدل، وجملة ‏"‏إن أمسك‏"‏ مستأنفة، وجواب الشرط محذوف دلَّ عليه ما قبله، وجملة ‏"‏لجُّوا‏"‏ مستأنفة‏.‏

{ ‏ }
الفاء مستأنفة، ‏"‏مَنْ‏"‏ اسم موصول مبتدأ خبره ‏"‏أهدى‏"‏، الجار ‏"‏على وجهه‏"‏ متعلق بـ ‏"‏مكبا‏"‏ الحال،" على وجهه" توكيد، "أهدى" خبر من ‏"‏أم‏"‏ متصلة عاطفة، ‏"‏مَنْ‏"‏ اسم موصول معطوف على الموصول الأول، ‏"‏سويا‏"‏ حال، الجار ‏"‏على صراط‏"‏ متعلق بـ ‏"‏يمشي‏"‏‏.‏

{ }
الجار ‏"‏لكم‏"‏ متعلق بـ ‏"‏جعل‏"‏، و‏"‏جعل‏"‏ هنا بمعنى خلق، ‏"‏قليلا‏"‏ نائب مفعول مطلق، و‏"‏ما‏"‏ زائدة، وجملة ‏"‏تشكرون‏"‏ مستأنفة‏.‏

{ }
الجار ‏"‏في الأرض‏"‏ متعلق بـ ‏"‏ذرأكم‏"‏، وجملة ‏"‏تحشرون‏"‏ معطوفة على الصلة ‏"‏ذرأكم‏"‏‏.‏

{ }
جملة ‏"‏ويقولون‏"‏ مستأنفة، ‏"‏متى‏"‏ اسم استفهام ظرف زمان متعلق بخبر المبتدأ ‏"‏هذا‏"‏ ‏"‏الوعد‏"‏ بدل، جملة ‏"‏إن كنتم صادقين‏"‏ مستأنفة في حيز القول، وجواب الشرط محذوف دلَّ عليه ما قبله‏.‏

{ }
جملة ‏"‏وإنما أنا نذير‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏إنما العلم عند الله".

{ }
جملة ‏"‏فلما رَأَوه‏"‏ مستأنفة، ‏"‏لما‏"‏ حرف وجوب لوجوب، ‏"‏زلفة‏"‏ حال من الهاء في ‏"‏رأوه‏"‏، جملة ‏"‏وقيل‏"‏ معطوفة على جملة ‏"‏سيئت‏"‏، ونائب فاعل ‏"‏قيل‏"‏ ضمير يعود على مصدره‏.‏ الجار ‏"‏به‏"‏ متعلق بـ ‏"‏تدَّعون‏"‏ ‏.‏

{ }
مفعولا ‏"‏أرأيتم‏"‏ مقدَّران‏:‏ الأول ‏"‏شأنكم‏"‏، والثاني جملة استفهامية مقدرة دلَّت عليها الجملة المستأنفة‏:‏ ‏"‏فمن يجير‏"‏، والتقدير‏:‏ أرأيتم شأنكم إن أهلكني الله، مَنْ ينقذنا مِنْ عذابه‏؟‏ وجملة الشرط معترضة بين المفعولين، وجواب الشرط محذوف دلَّ عليه ما بعده، ‏"‏مَنْ‏"‏ اسم موصول معطوف على الياء، ‏"‏معي‏"‏ ظرف مكان متعلق بالصلة المقدرة، وجملة ‏"‏فمن يجير‏"‏ مستأنفة، وجملة ‏"‏يجير‏"‏ خبر المبتدأ ‏"‏من‏"‏‏.‏

{ ‏
جملة ‏"‏آمنَّا‏"‏ خبر ثان للضمير هو، وجملة ‏"‏فستعلمون‏"‏ مستأنفة، ‏"‏من‏"‏ اسم موصول مفعول به ، وجملة الصلة اسمية‏.‏

{ ‏
مفعولا ‏"‏أرأيتم‏"‏ مقدران‏:‏ الأول ‏"‏شأنكم‏"‏، والثاني جملة استفهامية دلَّ عليها جملة ‏"‏من يأتيكم‏"‏ المستأنفة كما تقدم في الآية ‏(‏28‏)‏، وجملة الشرط معترضة قوله تعالى "غورا" هو خبر أصبح أو حال إن جعلتها التامة وفيه بعد، والغور مصدر في معنى الغائر، ويقرأ " غورا " بالضم والهمز على فعول، وقلبت الواو همزة لانضمامها ضما لازما ووقوع الواو بعدها،
والله أعلم.














الخاتمة
بعد هذا البحث، وسرد أوجه الإعراب المحتملة لكلام العلي الكبير ، أسأل الله العلي القدير أن ينفعنا وإياكم بما علمنا، وأن يرزقنا العلم النافع، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يرزقنا فهم القرآن ومعانيه وإعرابه
إن أصبت فمن الله عز وجل، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
وأسأل الله سبحانه القبول والإخلاص، وأن يجعلنا مِنْ خَدَمة كتاب الله، الحريصين على مأدبته‏.‏
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

يسلمواااااااااااااا

ما شاء الله بارك الله فيك أختي الكريمة وحفظك