الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل

الاميرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
snow white
snow white
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
الجوزاء
الحصان
عدد المساهمات : 4862
عدد النقاط : 9302
العمر : 33
البلد : اسكندرية
العمل/الترفيه : جامعى
المزاج : هادىء
https://elamerat.yoo7.com

مظاهر التجديد في شعر محمود سامي البارودي Empty مظاهر التجديد في شعر محمود سامي البارودي

الجمعة 16 أبريل - 14:17

التجديد في شعر البارودي :
نتناول ألان منزلة الشاعر في الأدب
العربي وهل كان شاعرنا صدى للشعراء الذين تأثر بهم ؟ أم انه استقل ورسم له
طريقا خاصا وكوّن لنفسه شخصية أدبية تبقى خالدة ؟

وموضوعات الوصف التي عالجها البارودي في شعره عديدة ومتنوعة منها :
أ_ وصف مظاهر الطبيعة :
يصف شاعرنا الليلة العاصفة الممطرة ويجعلنا نحس بقوة الرعد وعزف الرياح
وشآبيب المطر ، وسواد تلك الليلة ووحشتها ، ويصف النجوم وجمالها ويصف
السحاب الممطر والبرق والرعد وتأثيرها في الإنسان والأرض ، كما يصف البحر
الهائج والريح العاتية تعلو الموج فتحيله جبالا شامخة الذرى ، كما يصف
الجبال والغابات ، فهو مصور ماهر في وصف الطبيعة يقول :
وليلة ذات تهتان وأنديــــة كأنما البرق فيها صارم سلـط
لف الغمام أقاصيها ببردتـــه و آنهلّ في حجرتيها وابل سبط
بهماء لا يهتدي الساري بكوكبها من الغمام ولا يبدو بها نمـط
ومربع لنسيم الفجر هينمـــة فيه وللطير في أرجائه لغــط
وللنسيم خلال النبت غلـــغلة كما تغلغل وسط اللمة المشـط
وللسماء خيوط غير واهية تكاد تجمع بالأيدي فترتبـــط (8)
في هذه الأبيات يسمو البارودي بإحساسه وبراعة تصويره لنتأمل كيف وصف
النسيم وهو يمر من خلال النبات وخيوط المطر وهي تنزل من السماء .
كما تغنّى كثيرا بمفاتن الطبيعة في وطنه (9) كقوله يصف الربيع :
عم الحيا واستنت الجـداول وفاضت الغداران والمناهـلُ
وازينت بنورها الخمائــل وغردت في أيكها البلابــلُ
والباسقات الشمخ الحوامل مشمورة عن سوقها الذلاذلُ
ملوية في جيدها العثاكـل معقودة في رأسها الفــلائلُ (10)
في هذه الأبيات يقف شاعرنا طويلا أمام النخيل والسواقي ثم يقدم لنا صورا
جميلة ، فأغصان النخيل كأنها ذلاذل أو نهايات قميص ، وقد شمرتها النخيل
حتى أعناقها ، ولوت في جيدها العثاكل أو عذق بلح وشماريخ وعقدت في رأسها
فلائلها أو أليافها المجتمعة ، تبدو لنا معانيه قريبة وتشبيهاته واضحة غير
متكلفة ، وخياله واف لا إغراب فيه .
ب_ وصف الأشخاص :
يبدو البارودي مصورا ماهرا في شعره ، وتبدو على لوحته دخائل النفوس وأسرار
القلوب والحركات والإشارات ، وينطبق الكلام ذاته على وصفه للمعارك وميادين
القتال وأدواته ، وإذا كان وصف الحروب من الموضوعات القديمة التي تناولها
الشعراء قبله ، فان تصوير الأشخاص من الموضوعات النادرة التي أجاد فيها
قليل من فحول الشعر العربي .
البارودي يصف البلغار في بلادهم حين رافق الحملة المصرية لحرب الروس :
بلاد بها ما بالجحيم ، وإنـــما مكان اللظى ثلح بها وجليدُ
تجمعت البلغار والروم بينـــها وزاحمها التتار فهي حشودُ
إذا راطنوا بعضهم سمعت لصوتهم هديرا تكاد الأرض منه تميدُ
قباح النواصي والوجوه كأنهــم لغير أبي هذا الأنام جنـودُ
لهم صور ليست وجوهاً وإنــما تناط إليها أعينُ وخــدود (11)
يصف شاعرنا رطانتهم وعجمة ألسنتهم وقبح رؤوسهم ووجوههم حتى كأنهم ليس من
البشر ، وأن وجوههم متشابهة لا تستطيع التفريق بينها ، بل لا يريد أن
يعترف بان لهم وجوها وإنما هي صور وضعت فيها أعين وخدود ، وفي الأبيات
آلاتية يذم البارودي شخصا ويصفه بالنهم والجشع بقوله :
وصاحب لا كان من صاحب أخلافه كالمعدة الفاســدهْ
اقبح ما في الناس من خصلة احسن ما في نفسه الجامدهْ
لوأنه صوّر من طبعــــه كان لعمري عقربا راصـدهْ
يصلح للصفع لكي لا يــرى في عدد الناس بلا فائــدهْ
يغلبه الضعف ولكنـــــه يهدم في قعدته المائـــدهْ
يراقب الصحن على غفلــة من أهله كالهرة الصائــدهْ (12)
جـ _ وصف الأشياء الأخرى كالسجن والقطار (13) والخمر يقول في وصف السجن :
شفني الوجد وأبلاني السهر وتغشتني سمادير الكـدرْ
فسواد الليل ما إن ينقضي وبياض الصبح ما إن ينتظرْ
لا أنيس يسمع الشكوى ولا خبر يأتي ، ولا طيف يمـرْ
بين حيطان وباب موصـدٍ كلما حرّكه السجان صـرْ
كلما درت لأقضي حاجـة قالت الظلمة : مهلا لا تدرْ (14)
ففي هذه الأبيات يبدو شاعرنا واقعيا يصور مأساة السجن ، يصف فيها مشاعر السجين بكل دقائقها .
د_ ولم ينس شاعرنا مجد آبائه المماليك الذين حكموا مصر ، يستحضر هذا المجد
في مجد وطنه مصر وما كشفه علم الآثار من أمجاد المصريين القدماء ، صور
البارودي ذلك في قصيدة وصف فيها الهرمين وهي أول قصيدة حديثة في الآثار
الفرعونية يقول فيها :
سل الجيزة الفيحاء عن هرمي مصر لعلك تدري بعض ما لم تكن تــدري
بناءان ردّا صولة الدهر عنهمـــا ومن عجب أن يغلبا صولة الـــدهر
أقاما على رغم الخطوب ليشهــدا لبانيهما بين البرية بالفخـــــــر
فكم أمم في الدهر بادت وأعصــر خلت ، وهما أعجوبة العين والفكر (15)
وليست هذه القصيدة الوحيدة التي أشاد فيها بالأهرام وبقدماء المصريين يقول في قصيدة أخرى :
أي شيء يبقي على الحدثان والمنايا خصيم الحيــــوانِ (16)
ويقول في قصيدة ثالثة :
بقوة العلم تقوى شوكة الأمــم فالحكم في الدهر منسوب إلى القلمِ
فانظر إلى الهرمين المائلين تجد غرائبا لا تراها النفس في الحلم (17)
هـ _ وصف المخترعات الحديثة :
كان البارودي حريصا على أن يستمد تشبيهاته من هذه المخترعات مثل الكهرباء
وآلة التصوير رغبة منه في تمثيل عصره أحيانا أو إثارة الطرافة لدى المتلقي
نلحظ كيف انه استعار الكهرباء في غزله (18) في قوله :
وسرت بجسمي كهرباءة حسنه فمن العروق به سلوك تخبرُ (19)
ويقول :
آلا يا لقومي من غزال مريـب يجول وشاحاه على فنن رطـبِ
تعرض لي يوما فصورت حسنه ببلورتي عيني في صفحة القلبِ (20)
كما يقول :
فالعقل كالمنظار يبصر ما نأى عنه بعيدا دون لمس باليد (21)
ويقول :
شفت زجاجة فكري فارتسمت بها عليك في منطقي في لوح تصوير (22)

من الأغراض القديمة التي خلع عليها البارودي لباس الجدة ولامستها بوادر
التجديد ، وظهرت فيها شخصيه واضحة جلية تعبر عن نفسه الأبية المتمرد على
الظلم و الاستبداد ، يدعو شاعرنا إلى حب العدالة والشورى والمساواة بين
الناس في شعره السياسي مما دفعه إلى أن يحتل مركز الصدارة بين أبناء شعبه
وأمته واصبح زعيما وطنيا محبوبا لذلك زج به في غياهب السجن ، وابعد عن
وطنه ولكنه لم يكفْ عن هذا الشعر الوطني والسياسي على الرغم مما لقيه من
نفي وتشريد ومرض ، وظل هذا الشعر يحرق الطغاة المتجبرين ، لذلك طالت مدة
نفيه عن دياره ولم يسمح له الحكام بالعودة إلى وطنه إلا أن دب إلى جسمه
دبيب الفناء وأصابه الضعف والهزال وفقد بصره .
يبدو البارودي في قصائده السياسية محباً للحرية متمرداً على الظلم شأنه
شأن كل رجل شجاع يدافع عن وطنه ، ولعل للوراثة والنشأة التي نشأها أثراً
في هذا الموقف ، غذّاه مما حفظه من شعر الحماسة عند العرب القدماء (23)
وهم أبطال الحرية في فيافيهم ، وكان شعرهم سجلا صادقا لمكارم أخلاقهم ، كل
هذا اثّر في البارودي بعد أن اطلع على دواوين الشعر العربي القديم وهو بعد
غر صغير حيث رسخت هذه الصفات والخلال الحميدة في ذهنه ، وشب مطبوعا عليها
يتمثلها نماذج يحتذيها ويود أن يحققها عملا في الحياة يقول :
لا عيب فيّ سوى حرية ملكت أعنّتي من قبول الذل بالمالِ
تبعت خطة آبائي فسرت بهـا على وتيرة آداب وآمــالِ
حقق شاعرنا في قصائده السياسية والوطنية حين انتقل بها من عالم الفردية
الذاتية التي يعيش فيها إلى عالم ارحب وأوسع هو خدمة الوطن ، وتحوّل من
معالجة محور الحياة الخاصة الذي يدور فيه إلى مجال النضال الوطني الكبير ،
ثورة يريدها أن تمتد من نفسه إلى أبناء شعبه فتساعدهم ليستأصلوا أسباب
ذلهم وعلة ظلمهم . (24)
كان البارودي في شعره السياسي ناقدا اجتماعيا وثائرا وطنيا ومصلحاً صريحا
شديد الحرص على حرية أبناء بلده ناقدا لهوانهم وذلهم وتهاونهم في الرد على
الظلم والسكوت عليه يقول :
وكيف ترون الذل دار إقـــامـة وذلك فضل الله في الأرض واسـعُ
أرى رؤوساً قد أينعت لحصادهــا فأين ـ ولا أين ـ السيف القواطعُ ؟
فكونوا حصيدا خامدين أو افزعـوا إلى الحرب حتى يدفع الضيم دافـع
أهبت فعاد الصوت لم يقض حاجـة أليّ ولبّاني الصدى وهو طائـــعُ
فلم ادرِ أن الله صور قبلكـــــم تماثيل يخلق لهن مسامـــــعُ (25)
وكثيرا ما تغنى بمصر وجمالها وسحرها لاسيما في المنفى إذ ظلت تلك القصائد تؤكد مشاعره تجاه وطنه وأحبابه يقول :
فيا (مصر) مدّ الله ظلك وآرتوى ثراك بسلسال من النيل دافــقِ
ولا برحت تمتار منك يد الصـبا أريجا يداوي عرفه كل ناشــقِ
فانت حمى قومي ومشعب أسرتي وملعب أترابي ، ومجرى سوابقي
بلاد بها حل الشباب تمائمـــي وناط نجاد المشرفيّ بعانقـــي (26)
والبارودي يتجاوز تصوير المشاهد الحسية إلى تصوير المشاعر النفسية ، ولعل
اكبر حالة نفسية صعبة عاشها شاعرنا هي غربته في جزيرة (سرنديب) في أثناء
مرحلة نفيه إلى تلك الجزيرة ، اتسمت أشعاره في تلك الحقبة بالحسرة واللوعة
واللهفة وتنوعت في تأثيرها ـ أي الغربة ـ على مشاعره ونفسيته تمخض ذلك عن
اجمل القصائد التي يحن فيها إلى بلده مصر .
والحنين من الظواهر القديمة في الشعر العربي ، يبدو في مطالع القصائد مع
وصف الأطلال وفي النسيب والغزل ، ولكن البارودي بزّ أقرانه في هذا المضمار
إذ ظل يتجرع غصص الغربة المريرة سبعة عشر عاما وكان بارعا في الوصف
والتصوير ، أخذ يصور حسرته وجزعه وتارة يبدو ذلك في التغني بالوطن والديار
أو في بكاء الشباب وأيام البهجة أو في بكاء الحبيبة ـ زوجته ـ التي انقطعت
بينه وبينها الأسباب أو في وصف الغربة أو حنينه إلى فلذات كبده وتارة
يتوجه إلى رثاء بعض أصدقائه وزوجته قال البارودي في حب مصر :
بلد نشأت مع النبات بأرضها ولثمت ثغر غديرها المتبسـمِ
فنسيمها روحي ومعدن تربها جسمي وكوثر نيلها محيا دمي
فإذا نطقت فبالثناء على الذي أولته من فضل عليّ وانعــمِ
هي جنة الحسن التي زهراتها حور المها وهزار أيكتها فمـي
ما أن خلعت بها سيور تمائمي حتى لبست بها خمائل مخذمـي (27)

الهجاء نوعان : شخصي وهو ما تعارف عليه شعراء العربية ، واجتماعي يراد به
التهكم الذي يصور عيبا من عيوب المجتمع وذلك لغرض الإصلاح وقد يتمثل هذا
العيب الاجتماعي في شخص من الأشخاص ، والدارس لشعر البارودي يجد نوعين من
الهجاء : الشخصي والاجتماعي ، واكثر من الهجاء الاجتماعي لعله يسهم في
إصلاح مجتمعه ، نجده يشكو الناس ونفاقهم وظلمهم وغدرهم ويصور قومه ويعدد
عيوبهم ، كما يذم زمانه وينعى على معاصريه تلونهم وعدم وفائهم في صداقاتهم
لاسيما وانهم خذلوه وآذوه لذا تميز هجاء البارودي بأنه هجاء لاذع وساخر إذ
يصب هجاؤه على جماعة أو أفراد يضعهم في لوحة بارعة الأبعاد كثيرة الجزئيات
تتفاعل فيما بينها لتنمو في إطار اللوحة العامة وهي اشد ما تكون قسوة
وامتهاناً . (28)
يقول :
أنا في زمان غادر ومعاشـر يتلونون تلون الحربــاءِ
أعداء غيب ليس يسلم صاحب منهم واخوة محضر ورخاءِ
اقبح بهم قوما ؟ بلوت إخاءهم فبلوت اقبح ذمة و إخــاءِ
قد اصبحوا للدهر سبة ناقــم في كل مصدر محنة وبـلاءِ
واشد ما يلقى الفتى في دهـره فقد الكرام وصحبة اللؤمـاءِ
شقي ابن آدم في الزمان بعقله إن الفضيلة آفة العقـــلاءِ (29)
ومن هجائه الشخصي قوله :
وغد تكوّن من لؤم ومن دنس فما يغار على عرض ولا حسبِ
يلتذ بالطعن فيه والهجاء كما يلتذ بالحك والتظفير ذو الجربِ (30)
يعد هذا الهجاء الاجتماعي جديداً في شعر البارودي ، فقد صور في هذا الشعر
عصره والناس ملونا بشعره الخاص ، وحسبنا من الشاعر الحقيقي أن يصور ما
يختلج في صدره من عواطف غير متكلفة ولا مصطنعة تقوم على المجاملات والنفاق
الاجتماعي والمدح الكاذب .

امتازت مراثي البارودي بصدق الإحساس (31) ورقة العاطفة لذا فنه لم يرث
صديقا أو قريبا إلا كان رثاؤه صادقا بعيدا عن شعر المناسبات ، ويبدو على
شعره الحزن العميق بعد أن تسلم خبر وفاة زوجته وتعد هذه القصيدة من عيون
الشعر العربي في رثاء الزوجات يقول :
أَيَدَ المنون قدحت أي زنـــاد أطرت أية شعلة بفــــؤادي
أوهنت عزمي وهو حملة فيلق وحطمت عودي وهو رمح طراد
لا ادري هل خطب ألم بساحتي فأناخ ، أم سهم أصاب سوادي ؟
أقذى العيون فأسبلت بمدامـع تجري على الخدين كالفرصـاد
ما كنت احسبني أراع لحـادث حتى منيت به فأوهـــن آدي
أبلتني الحسرات حتى لم يكـد جسمي يلوح لأعين الـــعوّاد
استنجد الزفرات وهي لوافـح وأسفه العبرات وهي بــوادي (32)
ويقول في رثاء ولده علي :
كيف طوتك المنون يا ولدي ؟ وكيف أودعتك الثرى بيدي ؟
واكبدي يا علي بعـــدك ! لو كانت تبل الغليــل (واكبدي) !!
فقدك سل العظام منـــي ور دّ الصبر عني وفتّ في عضدي
كم ليلة فيك لا صباح لـــها سهرتها باكيا بلا مـــــددِ
دمع وسهد وأي ناظـــــرة تبقى على المدمعين والسهـدِ ؟
لهفي على لمحة النجابة ! لو دا مت الى ان تفوز بالســــددِ
ما كنت ادري إذ كنت أخشى عليـ ك العين أن الحمام بالرصــدِ
فاجأني الدهر فيك من حيث لا أعـ لم ختلا ، والدهر كالأســــدِ
لولا اتقاء الحياء لا عتضت بالــ حلم هياما يحيق بالجلــــدِ
لكن أبت نفسي الكريمة أن اثـــ لم حد العزاء بالكمــــدِ (33)

أما فخر البارودي فلم يتناوله لغرض تقليد الآخرين ، بل لدواعٍ تتعلق
بشخصيته الطموحة ، فلو أنعمنا النظر في أية قصيدة من قصائده في الفخر
لوجدنا فيها معاني الإباء والشمم ، والاعتزاز بالنسب ، والتغني بالشجاعة
والإشادة بالمواقف الصعبة التي تمثل طموحاته وتجاربه الحياتية يقول شاعرنا
مفتخراً :
أبى الدهر إلا أن يسود وضيعــه ويملك أعناق المطالب وغـــدهُ
تداعت لدرك الثأر فينا ثعـالــة ونامت على طول الوتيرة أســدهُ
فحتامَ نسري في دياجير محـــنة يضيق بها عن صحبة السيف غمدهُ
إذا المرء لم يدفع يد الجور إن سطت عليه فلا يأسف إذا ضاع مجــدهُ
ومن ذل خوف الموت كانت حياتـه اضر عليه من حمام يـــــؤدّهُ
علام يعيش المرء في الدهر خاملاً ؟ أيفرح في الدنيا بيوم يعـــــدّهُ
يرى الضيم يغشاه فيلتذ وقعــــه كذي جرب يلتذ بالحك جلــــدهُ
عفا على الدنيا إذا المرء لم يعــش بها بطلاً يحمي الحقيقة شــــدّهُ
من العار أن يرضى الفتى بمذلــة وفي السيف ما يكفي لأمر يعــدهُ (34)
أما ما قاله البارودي في الزهد فهو قليل ولم نلمس فيه ما يدل على التجديد
وإنما كان مقلدا لسابقيه وتخلل هذا الشعر بعض المواعظ والحكم التي استمدها
من خلال تعامله مع الناس وتبدو على زهدياته لمسات من التشاؤم المنبعث من
المصائب التي تعرض لها في حياته يقول :
كل حي سيمـــوت ليس في الدنيا ثبوتْ
حركات سوف تفنـى ثم يتلوها خفــوت
وكلام ليس يحلــو بعده إلا السكــوت
أيها السادر قل لـي أين ذاك الجبــروت ؟
أين أملاك لهم فـي كل أفق ملكــــوت
زالت التيجان عنهمْ وخلت تلك التخــوت (35)
ومن حكمه قوله :
ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محببُ (36)
ومن حكمه الأخرى قوله :
من صاحب العجز لم يظفر بما طلبا فاركب من العزم طرفا يسبق الشهبا
لا يدرك المجد إلا من إذا هتفــت به الحمية هز الرمح وانتصــــبا
لا يقعد البطل الصنديد عن كــرم من جاد بالنفس لم يبخل بما كســبا(37)
مما تقدم نخلص إلى القول : إن البارودي من أول المجدين في الشعر العربي
الحديث ، وهو تجديد يقوم على نقطتين : بعث الأسلوب القديم في الشعر بحيث
تعود إليه جزالته ورصانته وتصوير الشاعر لنفسه وقومه وبيئته وعصره تصويرا
مخلصا صادقا .
كما حاول البارودي التجديد في الأوزان فنظم قصيدة على وزن جديد هو مجزوء
المتدارك ، ولم يسبق للعرب أن نظموا فيه ، و إنما ورد المتدارك عندهم
كاملا أو مشطوراً .
واغلب الظن أن الظروف التي ساعدت على أن يكون البارودي رائدا للشعر العربي الحديث تتمثل في :




وتأسيساً على ما تقدم تبين لنا أن البارودي يعد حامل لواء الشعر العربي
الحديث ، فقد خلصه من أساليبه الركيكة المبتذلة ، وقيوده البديعية وأغراضه
الضيقة التي كانت تقتصر على الزلفى والتملق ، ونفخ فيه من روحه وروح قومه
وعصره وبيئته ما بعث في شعرنا الحديث الحياة كما نفخ فيه روح العروبة ،
فإذا الحاضر يتصل بالماضي اتصالاً خصباً حيّاً وإذا الماضي ينبعث من جديد
بعثا تبرز فيه الشخصية العربية وانبعثت في ظل شعره مدرسة البعث أو الإحياء
أو النهضة ومن ابرز أعلامها : إسماعيل صبري ، حافظ إبراهيم ، احمد شوقي ،
وخليل مطران ، بل استظلت بظله جميع المدارس التجديدية التي تلته في القرن
العشرين .

1_ الوصف : يعد الوصف جديداً لدى البارودي ، وذلك لما بعث فيه من لمسات
تعبر عن سعة ثقافته واستقلال منهجه حيث أفرد ، للوصف قصائد مستقلة ، ولم
يأت به ـ أي الوصف ـ عرضا في ثنايا القصائد ، لان شاعريته وحواسه المرهفة
وتذوقه للجمال كانت تدفعه إلى قول الشعر ووصف مشاهداته لاكما هي في
الطبيعة ، ولكنه يخرجها ملونه بلباس جديد لتمثل شخصيته وشعوره وأفكاره .
(7)






3_ الجنس التركي الذي ظهر طابعه في شعره الذي يقوم على الاعتداد بالنفس
والفخر بالنسب والسعي نحو الطموح ومنه الطموح الأدبي ليعيد مجد آبائه
وأجداده .
2_ الشعر السياسي : 3_ الهجاء : 4_ الرثاء : 5_ الفخر : 1_ حفظ واستظهر البارودي النماذج الرائعة من الشعر العربي القديم . 2_ الثقافة الواسعة التي تتوزع بين العربية والتركية والفارسية . 4_ البيئة المصرية وهي العنصر الأساس الذي أمده بمادة تجاربه وصوره الواقعية الناضجة .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى