الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الاميرات
اهلا وسهلا بك فى منتدى الاميرات اذا لم تكن مسجل فيسعدنا دخولك معنا التسجيل

الاميرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
snow white
snow white
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
الجوزاء
الحصان
عدد المساهمات : 4862
عدد النقاط : 9302
العمر : 33
البلد : اسكندرية
العمل/الترفيه : جامعى
المزاج : هادىء
https://elamerat.yoo7.com

حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم Empty حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم

الخميس 1 أبريل - 16:08




ملخص الخطبة

1- مائة وأربعون ألفاً يحجون
حجة الوداع. 2- خطبة يوم التروية. 3- وداع النبي للأحياء من أصحابه ، وزيارة
الأموات منهم. 4- بدء الوجع مع النبي صلى الله عليه وسلم. 5- ما جرى زمن مرض
النبي صلى الله عليه وسلم. 6- اليوم الأخير من حياة النبي. 7- حال الصحابة بعد
وفاته صلى الله عليه وسلم. 8- دفن النبي صلى الله عليه وسلم. 9- رثاء حسان
للنبي.

الخطبة الأولى







أيها الناس،
افسحوا وتباعدوا عن الطرقات، ألا ترون ذلكم الركب المبارك، في يوم السبت لأربع
بقين من ذي القعدة سنة عشر من الهجرة المباركة.


نادى منادي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بقصده الحج لهذا العام، فاجتمع حوله مائة وأربعة
وأربعون ألفًا من الناس في مشهد عظيم، فيه معان العزة والتمكين، ألقى الرعب
والفزع في قلوب أعداء الدعوة ومحاربيها، وكان غصة في حلوق الكفرة والملحدين.


قبل ثلاثٍ
وعشرين سنة من ذلكم الوقت كان فردًا وحيدًا، يعرض الإسلام على الناس فيردوه،
ويدعوهم فيكذبوه، في ذلكم الحين كان المؤمن لا يأمن على نفسه أن يصلي في بيت
الله وحرم الله.


ها هم اليوم
مائة وأربعة وأربعون ألفًا يلتفون حول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم في
مشهدٍ يوحي بأكمل معان النصر والظفر، ويجسد صورة رائعة، تحكي بأن الزمن وإن
طال، فإن الغلبة لأولياء الله وجنده، مهما حوربت الدعوة وضيق عليها، وسامها
الأعداء ألوان العداء والاضطهاد، فإن العاقبة للحق ولأهل الحق العاملين
المصلحين: حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم Start-iconوَلَمَّا
يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَاء
وَٱلضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ
مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌحجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم End-icon

[البقرة:214].


سار ذلكم الركب
المبارك يدوس الأرض، التي عذّب من عذّب فيها، وسحب على رمضائها مَنْ سُحِب،
ساروا يمرّون على مواضع لم تزل ولن تزال عالقة في ذكراهم، سيموا فيها ألوان
العذاب والقهر والعنت، سار صلى الله عليه وسلم ليدخل المسجد الحرام الذي لطالما
استقسم فيه بالأزلام، وعبدت فيه الأصنام، دخله طاهرًا نقيًا، تردد أركانه
وجنباته لا إله إلا الله، ورجع الصدى من جبال بكة ينادي: لبيك اللهم لبيك.


وفي اليوم
الثامن من ذي الحجة نزل بطن الوادي من منى فخطب في ذلكم الجمع الغفير:
((أيها الناس، اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا
ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا.. إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة
يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي
موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن
الحارث، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب،
فإنه موضوع كله.




فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة
الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربًا
غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده
إن اعتصمتم به كتاب الله.



أيها الناس، إنه
لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم،
وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا ولاة أمركم،
تدخلوا جنة ربكم))
أخرجه
ابن ماجه.



وأخرج مسلم أنه
قال: ((وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟))
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء
وينكتها إلى الناس: ((اللهم اشهد)) ثلاث
مرات.


ولما فرغ من خطبته نزل عليه
قوله تعالى: حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم Start-iconٱلْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ
لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناًحجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم End-icon

[المائدة:3].



وعندما سمعها
عمر رضي الله عنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا
النقصان. أخرجه البخاري.


ولما قضى مناسكه
حث المسير عائدًا إلى طيبة الطيبة.


في أوائل صفر
سنة إحدى عشرة للهجرة خرج عليه الصلاة والسلام إلى أحد، فصلى على الشهداء،
كالمودع للأحياء والأموات.


ثم انصرف إلى
المنبر فقال: ((إني فرطكم، وإني شهيد عليكم، وإني
والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ـ أو مفاتيح الأرض ـ
وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها))

متفق عليه.


وخرج ليلة مع
غلامه أبي مويهبة إلى البقيع فاستغفر لهم وقال:
((السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه،
أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى. وبشرهم
قائلاً: إنا بكم للاحقون))
.


وفي يوم الإثنين
آخر أيام شهر صفر شهد عليه السلام جنازة في البقيع، فلما رجع وهو في الطريق،
أخذه صداع في رأسه واتقدت الحرارة، حتى إنهم كانوا يجدون سورتها فوق العصابة
التي تعصب بها رأسه، فدخل على عائشة وقالت: وارأساه! قال:
((بل أنا وارأساه، وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك
وكفنتك وصليت عليك ودفنتك))
. فقالت: لكأني بك ـ والله ـ لو فعلت ذلك
لرجعت إلى بيتي فعرّست فيه ببعض نسائك. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وثقل برسول الله
صلى الله عليه وسلم المرض فجعل يسأل أزواجه: أين أنا غدًا؟ أين أنا غدًا؟ ففهمن
مراده، فأذنّ له أن يكون حيث شاء، فانتقل إلى عائشة، يمشي بين الفضل بن عباس
وعلي بن أبي طالب، عاصبًا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتها، وكانت عائشة رضي الله
عنها تقرأ بالمعوذات والأدعية تنفث على نفسه وتمسحه بيده رجاء بركته.


وفي يوم
الأربعاء اتقدت حرارة العلة في بدنه، فاشتد به الوجع، فقال: هريقوا عليّ من سبع
قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس، فأقعدوه في مخضب[1]
لحفصة، وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول: ((حسبكم،
حسبكم))
، وعند ذلك أحس بخفة فدخل المسجد وهو معصوب الرأس حتى جلس على
المنبر خطب الناس فقال: ((لعنة الله على اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وقال: لا تتخذوا قبري وثنًا يعبد ثم قال:
من كنت جَلَدْتُ له ظهرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا
عرضي فليستقد منه))
.


ثم نزل فصلى
الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، فقال رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم. فقال:
((أعطه يا فضل))، ثم أوصى بالأنصار قائلاً:
((أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي[2]،
وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم))
،
وفي رواية: ((إن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى
يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرًا يضر فيه أحدًا أو ينفعه فليقبل من
محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم))
البخاري.


ثم قال:
((إن عبدًا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما
شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده))
.


قال أبو سعيد
الخدري: (فبكى أبو بكر، قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا)، فعجبنا له، فقال الناس:
انظروا هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن
يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، فكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا.


ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أمن الناس عليَّ في
صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًًا خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً،
ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر))

متفق عليه.


وفي يوم الخميس
أوصى عليه السلام بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، وأوصى
بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم.


ومع ما كان عليه
من شدة المرض إلا أنه كان يصلي بالناس جميع الصلوات، فصلى بالناس صلاة المغرب
من يوم الخميس وقرأ بالمرسلات، وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع
الخروج إلى المسجد.


قالت عائشة:
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أصلى الناس؟!))
قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك، قال: ضعوا لي ماء في المخضب، ففعلنا
فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال:
((أصلى الناس؟!))
قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك، فاغتسل فخرج
لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: ((أصلى الناس؟))
قلنا: لا يا رسول الله وهم ينتظرونك. فاغتسل فخرج لينوء فأغمي عليه. ثم الثالثة
فأغمي عليه، فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فصلى أبو بكر تلك الأيام.


وراجعت عائشة
النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا بكر رجل أسيف[3]،
وإنه متى يقوم مقامك لا يُسمِع الناسَ، فلو أمرت عمر، قال:
((مروا أبا بكر فليصلّ بالناس))، فقالت
لحفصة في ذلك فراجعته كما راجعته عائشة، فقال:
((إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس))
.


وفي يوم السبت
أو الأحد وجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو
بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه بأن لا يتأخر، قال:
((أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى يسار أبي بكر،
فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع الناس التكبير))

رواه البخاري.


وفي يوم الأحد
أعتق عليه الصلاة والسلام غلمانه، وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده، ووهب للمسلمين
أسلحته، وفي الليل استعارت عائشة الزيت من جارتها للمصباح، وكانت درعه مرهونة
عند يهودي بثلاثين صاعًا من الشعير.


وفي يوم الاثنين
بينا المسلمون في صلاة الفجر ـ كما روى البخاري عن أنس ـ وأبو بكر يصلي بهم، لم
يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم
في صفوف الصلاة، ثم تبسم وضحك فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة.


قال أنس: وهمَّ
المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار
إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.


إنها النظرة
الأخيرة، نظرة الوداع وهو يبتسم ويضحك رضًا وسرورًا بثبات أصحابه على الحق،
إنها البسمة الأخيرة التي لن يراها صحبه وأحباؤه بعدها في الدنيا.


إنها طَلَّة[4]
الفراق، لن ينعموا برؤية هذا الوجه الكريم في الدنيا بعد اليوم أبدًا، ولما
ارتفع الضحى دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها فسارّها بشيء
فبكت ثم دعاها فسارَّها بشيء فضحكت، قالت عائشة: فسألنا عن ذلك، أي: فيما بعد،
فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت،
فسارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت. رواه البخاري.


وبشرها بأنها
سيدة نساء العالمين.


ورأت فاطمة ما
برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب فقالت: واكرب أباه، فقال لها:
((ليس على أبيك كرب بعد اليوم)).


ودعا الحسن
والحسين فقبلهما، وأوصى بهما خيرًا، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن، وطفق الوجع
يشتد عليه ويزيد، وهو يقول لعائشة: ((يا عائشة، ما
أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أَبْهَرِي[5]
من ذلك السم))
.


فأوصى الناس
فقال: ((الصلاة. الصلاة، وما ملكت أيمانكم))،
كرر ذلك مرارًا. أخرجهما البخاري.


وبدأ الاحتضار،
فأسندته عائشة إليها، وكانت تقول: إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه
عند موته.


دخل عبد الرحمن
بن أبي بكر وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته
ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك، فأشار برأسه أن نعم، فتناولته
فاشتد عليه وقلت: ألينه لك، فأشار برأسه أن نعم، فلينته فاستن بها كأحسن ما كان
مستنًا، وبين يديه ركوة[6]
فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه يقول:
((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)) أخرجه
البخاري.


وما إن فرغ من
السواك حتى رفع يده أو إصبعه وشخص بصره نحو السقف، وتحركت شفتاه، فأصغت إليه
عائشة وهو يقول: ((مع الذين أنعمت عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى،
اللهم الرفيق الأعلى))
، كررها ثلاثًا، ثم مالت يده ولحق بالرفيق الأعلى.


إنا لله وإنا
إليه راجعون. مات الشفيق الرحيم بأمته، مات شمس الحياة وبدرها، مات الداعية
الناصح، مات صاحب القلب الكبير الذي وسع المؤمن والكافر، والبر والفاجر،
والصغير والكبير.


مات من كان
للأيتام أبًا، وللأرامل عونًا وسندًا، مات مهرَبُ الفقراء والمساكين، وملاذ
المعوزين المحتاجين، مات الإمام المجاهد، مات نبي الأمة، وقدوة الخلق، مات خير
البشر، وأحب الخلق إلى الله، مات الذي نعمت برؤياه الأبصار، وتشنّفت بسماع جميل
حديثه الأسماع والآذان.


قال أنس بن
مالك: ما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وما رأيت يومًا كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله
صلى الله عليه وسلم.


ولما مات قالت
فاطمة: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى
جبريل نفاه.
snow white
snow white
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
الجوزاء
الحصان
عدد المساهمات : 4862
عدد النقاط : 9302
العمر : 33
البلد : اسكندرية
العمل/الترفيه : جامعى
المزاج : هادىء
https://elamerat.yoo7.com

حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم Empty رد: حجة الوداع ووفاته صلى الله عليه وسلم

الخميس 1 أبريل - 16:10

في
اليوم التاسع من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة النبوية، وقف نبي
الهدى في بطن الوادي وهو على ناقته القصواء، وحوله أربعين ألفاً من
الصحابة[1]، ما بين راكب وواقف حتى بلغوا مد البصر، وفيهم ربيعة بن أمية
بن خلف[2] الذي كان يصرخ في الناس بقول رسول الله . فكانت هذه الخطبة
البليغة التي افتتحها بقرب أجله :



أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بـهذا الموقف أبداً.


إن
دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن
أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وكان مسترضعاً في بني سعد
فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضع من ربانا ربا عباس بن
عبد المطلب،فإنه موضوع كله.



فاتقوا
الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة
الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن
ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.



وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله.


وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.


فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس اللهم اشهد .. اللهم اشهد .. اللهم اشهد.


وبعد أن فرغ النبي من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى:


{اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة:3] .


وعندما سمعها عمر بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان[3].


بهذه
الخطبة البليغة قرر رسول الله قواعد الإسلام، وهدم قواعد الشرك
والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها، وهي
الدماء والأموال والأعراض، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، وأوصاهم
بالنساء خيراً، وبشر الأمة بأنها لن تضل أبداً ما دامت معتصمة بكتاب الله.
ثم أخبرهم بأنه مسؤول عنهم عند ربهم، بل واستنطقهم فقالوا بلسان واحد:
نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت[4].



* * *


وخطب النبي يوم النحر -عاشر ذي الحجة- حين ارتفع الضحى، وهو على بغلة شهباء، والناس بين قائم وقاعد.


وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس، ثم زاد عليها :


أيها
الناس {إنما النسيء زيادة في الكفر يُضل به الذين كفروا يُحلونه عاماً
ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيُحلوا ما حرم الله} [التوبة:37]
.



الزمان
قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها
أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي
بين جمادى وشعبان.



كانت
قبيلة مضر إحدى القبائل العربية التي تحافظ على حرمة شهر رجب أشد من سائر
العرب، ولكن هذه المحافظة ليست لله وحده، وإنما هي عادة توارثوها عن
آبائهم، فنالوا بذلك حظ الدنيا، حيث أُضيف لقبهم إلى شهر رجب، بينما
القبائل الأخرى لا تستحله ولكنهم يتحايلون على توقيته.



واستمر الرسول في خطبته هذه قائلاً :


أي
شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم،
فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى. فأي
يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم
حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا في شهركم هذا.
"وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض.


ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع[5].


الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7447
خلاصة الدرجة: [صحيح]






لقد
اكتمل الدين وأتم الله الشريعة الخالدة. حتى الآداب التي تعلمها الصحابة
من نبيهم قد بلغت قمتها، فقد كانوا قبل ذلك يقدموا بين يدي الله ورسوله
حتى أنزل الله فيهم قرآناً {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله
ورسوله} [الحجرات:1] فهاهم اليوم، يوم اكتمال الدين عندما سألهم نبيهم أي
شهر هذا؟ لم يجب أحدٌ منهم وهم يعلمون أنه الشهر الحرام. بل أجابوا جميعاً
إجابة التأدب مع نبيهم :



الله ورسوله أعلم.


ثم كرر عليهم السؤال للمرة الثانية والثالثة، ورغم معرفتهم بالإجابة إلا أنهم أجابوا جميعاً :


الله ورسوله أعلم.


حتى قال :


أليس ذا الحجة؟ .. أليست البلدة؟ .. أليس يوم النحر؟


قلنا: بلى .. بلى .. بلى.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى